يظهر هذا الثواب فيما يشعر به الإنسان من طمأنينة قلبية وراحة نفسية، وسرور يغمر الفؤاد، وما يمتلئ به الشعور والوجدان من معاني الخير والبر والإحسان وغير ذلك من القيم السامية التي تنشأ في النفس عقب فعل الخير والقيام بالواجب والوقوف عند حدود الله وعدم معصيته عز وجل. ويعبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: “البر حسن الخلق” رواه مسلم. فالبر هو المعنى الجامع لكل خير وأمور الخير، وإذا اكتسبها الإنسان انعكست أثارها الطيبة على نفسه وقلبه ووجدانه، لأن فعل الخير ينير نفس الإنسان ويزكي قلبه، ويقوي عزيمته ويدفعها إلى المسابقة والمسارعة إلى فعل الخير والإمساك عن إقتراف الشر. وكل عبادة يأمرنا الله تعالى تثمر ثمرة التقوى، كما قال تعالى” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، كما ذيل فريضة الصيام بالتقوى أيضاً في قوله تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“، كما نشاهد ذلك أيضاً في آيات الحج في قوله تعالى: ” ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ “، ويختم الله تعالى آيات الحج بقوله تعالى ” لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ”.
لذلك كانت تقوى الله تعالى ثمرة كل عبادة وأثراً لكل فضيلة يفعلها الإنسان. فالإنسان إذا باشر الأعمال الصالحة تكتنفه روح الخشوع والخضوع والإخلاص، طهرت نفسه وصح مزاجه وشعوره كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث: “والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء” رواه مسلم. فالصلاة إذا أقامها الإنسان على وجهها الصحيح كانت سبباً لإشراق أنوار المعارف وانشراح القلب كما أنها تمنع صاحبها من المعاصي وتنهاه عن الفحشاء والمنكر وتهديه إلى الصواب والحق. كما قال تعالى ” اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ “. كما أن الزكاة لها أثرها في تطهير النفس من رذيلة البخل والشح وتزكيتها إلى درجة الكرم والإيثار والبذل والتضحية، كما أنها برهان على صدق إيمان صاحبها. كما قال تعالى ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا”، وكذلك كل ما أمرنا الله تعالى به وحثنا عليه من عبادات ومكارم أخلاق ومحاسن الآداب وما شرع لنا من معاملات إذا قام بها الإنسان خير قيام ملخصاً لله تعالى ومبتغياً وطالباً لمرضاته أحدث أثره الطيب في نفس الإنسان.