لم تجد شريحة كبيرة من عشاق الدراما من الجمهور الجزائري إلا تغيير وجهتها إلى فضائيات عربية أخرى في رمضان الحالي، بعدما شحّت عليه القنوات المحلية خلال هذا الموسم، ولم تتمكن من تقديم أعمال في المستوى تستقطب المشاهدين، إلى درجة الاستعانة بأعمال قديمة أعيد بثها من أجل ملء الفراغ الرهيب.
ولم يستطع المسلسل الوحيد “يما” المعروض على قناة “الجزائرية وان” الخاصة، إقناع الجمهور، بعدما خاب ظنه في متابعة عمل درامي طالته العديد من الانتقادات شملت حتى الطواقم العاملة به، ليكون بذلك الموسم خاويا على عروشه ويمكن إحالته من الآن على النسيان.
وتراوحت المبررات الأولية لفشل الموسم الدرامي على وباء كورونا، الذي شلّ العديد من الأعمال التي كانت بصدد التصوير، فيما كانت وزارة الثقافة قد قرّرت خلال الأسابيع التي سبقت دخول الموسم، إيقاف التصوير، بدعوى تفادي العدوى وسط العاملين في الحقل الفني، فإن تعليق الشماعة كلها على القرار لا يحجب نسق العشوائية والارتجال في عمل مؤسّسات الإنتاج، وإلاّ لما تأخرت الأعمال أو تأثّرت بقرار حظر التصوير خلال شهر مارس الماضي، فقط.
كما لا يحجب حجم الرداءة التي تجتاح العمل الفني، حيث اضطرت سلطة السمعي البصري إلى إنذار واستدعاء عدة قنوات تلفزيونية مملوكة للقطاع الخاص، إثر تقديمها لسلسلة من أعمال “الكاميرا الخفية”، المسيئة لمشاعر وذوق الجمهور، وهو ما يوحي بأن الفشل في أبسط الأعمال، لا يمكن أن يقود إلى تقديم عروض راقية في الدراما أو الكوميديا.
ولم توفّق شركة الإنتاج وفريق عمل مسلسل “يما” بقيادة المخرج التونسي مديح بلعيد، في تقديم عرض جذّاب للجمهور، رغم حضوره منفردا في المشهد الدرامي الجزائري خلال هذا الموسم، بسبب الاختلالات الفنية والنصية التي اعترت المسلسل، وحتى العاملين في الفريق لم يسلموا من الانتقادات.
وذكر كاتب السيناريو سفيان دحماني، بأن “الشبكة هذا العام كارثة بكل المقاييس، وبلد بحجم قارة، ينتج عملا دراميا واحدا، مقابل سوريا، مثلا، التي تعيش الحروب أنتجت أكثر من 20 عملا”.
وأضاف “هل نحن من المغضوب علينا، في الكوميديا أصبحنا نضحك على الأعمال لا على المحتوى، كوميديا تافهة تقدّم للجمهور، وأكثر من عشرين كاميرا خفية تُهين الفنان والصحافي والمواطن البسيط وآدمية الإنسان، وحتى سلسلات (السيتكوم) للأسف أعمال معادة”.
وفيما تغافل عن الانتقادات التي طالت مسلسل “يما”، واكتفى بالقول “ما يقال عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعتبر مجرّد رأي، وهو ليس بنقد، لأن للنقد أهله وهم أناس مختصّون، ومع ذلك علينا احترام ملاحظاتهم المقدّمة لنتعلّم منها، أما الرأي فعلى الذي يقدّمه أن يكون إنسانا محترما ومثقفا”، ودعا إلى ضرورة دسترة أو تقنين “مظاهر إهانة المشاهد والاستخفاف بذكاء الجمهور”.
ومن جهتها صرّحت بطلة المسلسل آمال مينغاد، بأنها غير راضية عن مساحة دورها في العمل، وهذا لعدم تمكّنها من تقديم ما يمكن تقديمه من أجل إثراء الحوار، وأنها اضطرت لإضافة حوار المونولوغ في أحد المشاهد للتغطية على فراغ الشخصية التي أسندت إليها.
وانتقدت المتحدثة سيناريو العمل الذي ركّز فقط على قصة خالد ووالدته، بينما هناك ثلاث قصص موازية لأمهات في العمل، كان يمكن استغلالها من أجل إعطاء زخم للعمل في تقديم حياة العائلة الجزائرية، وهو ما يؤكد التسريبات التي تحدّثت عن تداخل في المهام من أجل إصدار النسخة النهائية للمسلسل، حيث تدخّل المخرج مديح بلعيد، في بعض المشاهد لتعديل مضمون السيناريو الأصلي.
وذهبت إلى أن “ضعف السيناريو والحوار، لم يُمكّن زملاءها في العمل من تفجير طاقتهم، وأن المخرج مديح بلعيد، بذل جهدا كبيرا في التغطية على ضعف السيناريو من أجل أن يظهر العمل بشكل مقبول”.
ب/ص