ضِيقُ الصَّدر آثارُه وعِلاجُه

ضِيقُ الصَّدر آثارُه وعِلاجُه

إنَّ الإعراض عن ذِكْرِ الله من أعظم الذنوب والخطايا، ولذا كانت عقوبته وخيمة؛ ففي الدنيا يُعاقبه اللهُ تعالى بالضَّنْكِ والضِّيق، وفي الآخرة يحشره اللهُ سبحانه أعمى؛ قال تعالى ” وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ” طه: 124، 125. والمَعِيشة الضَّنْكُ تشمل ما يُصيب المُعرِضَ عن ذِكْرِ ربِّه، من الهُموم والغُموم والآلام في الحياة الدنيا – وهذا عذابٌ مُعَجَّلٌ – وفي دار البرزخ، وفي الدار الآخرة؛ كما قال سبحانه وتعالى ” إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ” الانفطار: 13، 14. والضِّيقُ الذي يعيشه العبدُ المُعْرِضُ يشتد عليه ويزيد كلما زاد إعراضُه عن ذكر الله، وإقبالُه على الدنيا وشهواتِها وملذَّاتِها الفانية، فيزداد إقباله على ارتكاب الذنوب والمعاصي، فَيُسَبِّب له ذلك قسوةَ قلبِه، ووَحْشَةً بينه وبين ربه، وبُغْضاً من الخلق له، ونِسياناً للعلم الذي تعلَّمه، وضياعاً لِعُمره. قال بعضُهم: “إِنَّ لِلْحَسَنَةِ نُورًا فِي الْقَلْبِ، وَضِيَاءً فِي الْوَجْهِ، وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ، وَزِيَادَةً فِي الرِّزْقِ، وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ، وَظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ، وَوَهَنًا فِي الْبَدَنِ، وَنَقْصًا فِي الرِّزْقِ، وَبُغْضَةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ”.

ولا يزول عنه هذا الضِّيق الذي يَعِيشه؛ إلاَّ إذا أدرك أنَّ هذا الداءَ العُضَال ما هو إلاَّ نتيجةً لِبُعْدِه عن ذكر الله، وأنه على خَطَرٍ من أمره، ولهذه الآفةِ أضرارٌ ناجِمَةٌ عنه في الدنيا والآخرة، ولا بد من المسارعة في علاجه؛ بالتوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي؛ قال تعالى: ” إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ” الفرقان: 70، ومن أهمِّ علاج ضِيقِ الصدر: التَّحصُّنُ من وساوسِ الشيطان، ونَزَغاتِ الهوى، والاحترازُ من النَّفْسِ الأمارة بالسوء، والإقبالُ والعودةُ إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، قال تعالى ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” النحل: 97. فالسعادة والطمأنينة وانشراح الصدر وجهٌ من وجوه الراحةِ، والحياةِ الطَّيبةِ التي يبحث عنها المرء، فكل الباحثين عن السعادةِ وانشراحِ الصدر؛ لن يصلوا إلى ما يريدون إلاَّ بالعمل الصالح.

ومن الأعمال الصالحة التي تُعين على مُعالجة الضِّيق: حُبُّ الله تعالى والإنابةُ إليه، فلذلك تأثير عَجِيبٌ في انشراح الصدر، وطِيبِ النفس، ونعيمِ القلب. وبالجملة؛ فإنَّ من أفضل الأعمال لانشراح الصدر، وجَلاءِ الضيق؛ أداءَ الصلواتِ المكتوبة والسُّننِ الرواتب وصلاةِ الليل، والتَّسَلُّحَ بسلاح الأذكار والأدعية التي تجلب طُمأنينةَ القلب وانشراحَ الصدر، وتُذهِب عن العبد الضِّيقَ؛ كما قال سبحانه: ” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ” الرعد: 28، 29. والنبيُّ صلى عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: “لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ” متفق عليه.

 

من موقع شبكة الألوكة