ضيق هامش حركة الرباط رغم المناورات… صفعة أوروبية تقوّض أطماع المخزن في الصحراء الغربية

elmaouid

في وقت تستعد فيه الرباط تجديد اتفاقها للصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي المرتقبة في أوت 2018، معتبرة ذلك مكسبا لها وتتويجا لسياسات لوبيينغ طويلة الأجل لفرض خياراتها، واجهت هذه الأخيرة ضربة موجعة، من

خلال قرار محكمة العدل الأوروبية الذي يؤكد استثناء سواحل الصحراء الغربية من أي اتفاق يخص استغلال الثروات الصيدية، حسب ما جاء في وسائل إعلام محلية الاثنين.

أعلنت محكمة العدل الأوروبية في قرار أصدرته الأسبوع الماضي، أن اتفاق الصيد البحري المبرم بين الاتحاد الأوروبي والمغرب _صالحا_ في حال عدم تطبيقه على الصحراء الغربية ومياهها الإقليمية، وهو ما يؤكد ما سبق لنفس الهيئة أن أيّدته في 2016، ويكرس حقا قانونيا طالما سعت الرباط كقوة احتلال أن تتجاهله. واعتبرت محكمة العدل الأوروبية، أن إدراج إقليم الصحراء الغربية في نطاق تطبيق اتفاق الصيد البحري، يعدّ انتهاكا لعدة أحكام من القانون الدولي العام المطبقة على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، لاسيما مبدأ تقرير المصير. مضيفة أنه نظرا لكون إقليم الصحراء الغربية غير تابع للمغرب، فإن المياه المحاذية للصحراء الغربية غير تابعة لمنطقة الصيد البحري المغربية المستهدفة في الاتفاق. وأوضحت المحكمة أنه بما أن _اتفاق الصيد البحري والبروتوكول المرافقين له غير مطبقين على المياه المحاذية لإقليم الصحراء الغربية، فإن عقود الاتحاد الأوروبي المتعلقة بإبرامهما وتطبيقهما تعد صالحة. وقد أصدرت محكمة العدل الأوروبية هذا القرار عقب إخطارها من طرف المحكمة العليا البريطانية، التي تلقت بدورها شكوى من المنظمة غير الحكومية البريطانية وسترن صحارا كمباين الداعمة لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، مفادها أن اتفاق الصيد البحري المبرم بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والعقود المرافقة له، التي تسمح بتطبيقه، غير صالحة، كون الاتفاق وعقوده تطبّق على إقليم الصحراء الغربية ومياهها.

وتتهم المنظمة غير الحكومية المغرب بنهب واستنزاف الموارد الطبيعية للشعب الصحراوي، من خلال اتفاق الصيد مع الاتحاد الأوروبي، ويتضح من خلال هذا المسعى المتكرر ضيق هامش حركة الرباط رغم المناورات التي قامت بها منذ سنة 2015 بالخصوص، بدعم فرنسي إسباني لإظهار أهمية الدور المغربي في المنطقة، إلى حد تقديم طلب انضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لاسيما أنه في شهر أكتوبر 2008 منح الاتحاد الأوروبي، على هامش الدورة السابعة لمجلس الشراكة المغربي الأوروبي، المغرب صفة _الوضع المتقدم_، أعطي للمغرب بموجبه حق ولوج كل مجالات الفعل الأوروبي باستثناء الانضمام الكامل لبناه وهياكله، لاسيما التشريعية والتنظيمية، لكن هذا الوضع لم يمنع الرباط من تلقي عدة ضربات.

ففي ماي 2017، أكدت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، أن وضع الصحراء الغربية يبقى بمثابة _إقليم غير مستقل_ مجددة دعم الاتحاد الأوروبي لجهود الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، قصد التوصل إلى حل يسمح بتقرير مصير شعب الصحراء الغربية، وكتبت في ردها باسم المفوضية الأوروبية على النواب الأوروبيين الذين استوقفوها حول التواجد العسكري المغربي في الصحراء الغربية، أن _الصحراء الغربية مدرجة في قائمة الأقاليم غير المستقلة للأمم المتحدة_. وذكرت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن، أن _وضع الصحراء الغربية النهائي لا زال موضوع مسار تفاوض تحت رعاية الأمم المتحدة_، وهو الموقف الذي لم يرق للرباط التي تلقت ضربة سابقة في جوان 2016، إذ رضخ المغرب وقبل اتفاقية الضمان الاجتماعي مع هولندا تستثني الصحراء الغربية المحتلة من الخريطة السياسية للمملكة المغربية.

للإشارة، فإن المحامي العام لمحكمة العدل الأوروبية، خلص في 10 جانفي 2018 إلى أن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب باطلا كونه ينطبق على الصحراء الغربية ومياهها الإقليمية. وأنه بالتوقيع على هذا الاتفاق، فإن الاتحاد الأوروبي يكون قد انتهك التزامه باحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وأوضح المحامي العام لمحكمة العدل الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبي لم يعترف بوضعية قانونية ناتجة عن خرق وعدم تطبيق الضمانات الضرورية ليكون استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية لصالح سكان هذا الإقليم.

وقال الاتحاد الأوروبي في تعليقه على قرار محكمة العدل، إنه بصدد دراسة الحكم لتحديد تداعياته والخطوات المقبلة التي سيتّبعها في هذا المجال، في وقت أثار القرار امتعاضا مغربيا ومخاوف، لاسيما أن المغرب يحضّر لتجديد الاتفاقية ومن شأن إعلان أن اتفاق الصيد يشمل فقط المياه الإقليمية المغربية وليس المياه الإقليمية الخاضعة لسيطرة المغرب، في إشارة إلى مياه إقليم الصحراء الغربية، أن يخلط حسابات المخزن. علما أن محكمة العدل تمثّل أعلى محكمة أوروبية، واعتبار أن ضم الصحراء الغربية إلى نطاق تطبيق اتفاق الصيد _يخالف عدة بنود في القانون الدولي، خصوصا مبدأ تقرير المصير_، هي صيغة تقوض في العمق طروحات المخزن.