صيام اللسان

صيام اللسان

 

إن شأن اللسان ليس كشأن سائر الجوارح، فالجوارح تتفاوت في الأهمية، وقالوا عن اللسان: إنه عضلة خلفها كل معضلة، وقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: “إن ابن آدم إذا أصبح فإن أعضاءه كلها تكفر اللسان، تقول: اتَّقِ الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعْوجَجْتَ اعْوَجَجْنا” حسنه الألباني، ولهذا يمكن للإنسان أن يكسب الخير العظيم من خلال لسانه، ويمكن أن يكتسب الشر المستطير من خلال لسانه أيضًا، وأسهل فعل يمكن أن يقوم به الإنسان هو الكلام، فنظرًا لتلك الأهمية لهذه الجارحة عمومًا، وفي شهر الصيام خصوصًا، فسيكون الحديث عنها من خلال الوقفات التالية:

الوقفة الأولى: هذه الجارحة ذات الوزن الخفيف تحمل في عملها أرباحًا عظيمة وخسائر فادحة، فبكلمة يدخل الإنسان الإسلام، وبكلمة يخرج منه، وبكلمة يتزوج، وبكلمة يُطلق، وهكذا، فهي حرية بالانتباه لها وصيانتها وأطرها على الحق، وتهذيبها عن الشوائب الفاسدة.

الوقفة الثانية: إن اللسان له عبودية يجب أن تأخذ مفعولها في كل وقت، لا سيما في شهر الصيام، فهو فرصتك أخي الصائم أن تعوِّد لسانك على عبوديته؛ ليستقيم عليها ويتهذب من خلالها، فعبوديته متنوعة بين الواجب والمستحب، وترك الحرام والمكروه، فمن واجب هذه العبودية الشهادتان والتلاوة اللازمة للقرآن في الصلاة، وأذكار الصلاة من تسبيح وتسميع وتحميد وتكبير، وكذلك أمرٌ بمعروف ونهي عن منكر.

الوقفة الثالثة: الصائم مأمور بترك السباب والجهل ونحوهما، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحل الشرعي في المواقف التي يكون فيها شيء من هذا أن يقول: “إني صائم”، فهي تُشعر الطرفين كليهما على احترام الشهر والصيام من أن يُخدش بسباب أو زورٍ أو جهل.

الوقفة الرابعة: إذا حضرت مجلسًا فيه شيء من الغيبة أو النميمة ونحوهما، فعليك بإنكار ذلك بطريقة مناسبة، وتذكَّر دائمًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن ردَّ عن عِرض أخيه، ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة”.