أعلن وزير الصناعة الصيدلانية، حسين قويدري، الاثنين، عن تنصيب فوج عمل مكلف بمراجعة شاملة لكل النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة للنشاط الصيدلاني، بالتنسيق مع مختلف الفاعلين في القطاع، بهدف تكييف الإطار القانوني مع التحولات التي يعرفها المجال، وتحسين ظروف عمل الصيادلة.
وجاء تصريح الوزير خلال إشرافه على افتتاح أشغال الندوة الوطنية الـ18 للصيدلة، المنظمة الاثنين بفندق الأوراسي تحت شعار: “الصيدلة بين الإطار القانوني والتحديات الاقتصادية”، والتي شكلت فضاء للحوار بين جميع الشركاء المهنيين في قطاع الصيدلة، من نقابات وهيئات تنظيمية وممثلي القطاعين العام والخاص. وأكد قويدري في كلمته الافتتاحية، على أن تحسين عمل الصيدلي وخلق مناخ مهني ملائم يبقى في صلب أولويات القطاع، مشيدا بالدور المحوري الذي يؤديه الصيدلي في ضمان وفرة الأدوية والمستلزمات الطبية، وتقديم خدمات صحية جوارية للمواطن. كما أشار الوزير، إلى أن مراجعة الإطار التشريعي يجب أن تكون ثمرة مساهمة جماعية للمختصين، مشددا على أن المداخلات والتوصيات الصادرة عن هذا اللقاء ستساهم لا محالة في تكييف النصوص القانونية مع طبيعة النشاط الصيدلاني، بما يتماشى مع تطلعات العاملين في المجال.
الرقمنة لضبط السوق وضمان التوزيع
ومن جهة أخرى، كشف الوزير أن من أولويات القطاع في المرحلة الراهنة هي رقمنة عملية تسيير ملف الأدوية، من خلال نظام تتبع إلكتروني للسوق يمكن من رصد حالات الندرة وضبط آليات التوزيع، وهو ما يندرج ضمن تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الخاصة برقمنة مختلف القطاعات الحيوية، بالتنسيق مع المحافظة السامية للرقمنة. كما شدد قويدري، على أن “صيدلي المدينة” مطالب اليوم بمواكبة هذه التحولات التكنولوجية، بما يضمن تقديم خدمة صحية عصرية تغطي كل مناطق الوطن، وتساهم في ضمان وفرة الأدوية في كل الظروف.
شركاء المهنة يثمنون ويدعون لإصلاحات أعمق
وفي مداخلته، أبرز الدكتور سامي تيراش، رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، أن قطاع الصيدلة يعيش تحولًا عالميًا بفعل تطورات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، داعيًا إلى تأقلم المنظومة الجزائرية مع هذه التغيرات، انسجامًا مع توصيات منظمة الصحة العالمية. وأشار إلى أن الإطار القانوني الحالي رغم أهميته، “لم يعد كافيًا لمواكبة المتغيرات”، خاصة في ظل التراجع العالمي لأسعار الأدوية، والذي يؤثر مباشرة على أرباح الصيدليات واستقرارها الاقتصادي، داعيًا إلى توفير بيئة تشريعية عادلة تضمن ديمومة الخدمة الصحية وجودتها. ومن جانبه، دعا نور الدين ميتوي، رئيس المجلس الوطني لسلك الصيادلة، إلى مراجعة القوانين التي تحدد مهام الصيدلي، لا سيما في ما يخص مشاركته في حملات التلقيح ومتابعة الحالات المزمنة، مؤكدًا على أن الصيدلي شريك فعلي في الوقاية والعلاج، ويجب تمكينه من أداء مهامه في بيئة مهنية مستقرة، خاصة لفائدة الصيادلة الجدد.
نحو نقلة نوعية في مهنة الصيدلة
كما أكدت الندوة، التي شهدت نقاشات مكثفة بين المهنيين، على ضرورة مراجعة المنظومة القانونية للصيدلة، بما يضمن التوازن بين المتطلبات الاقتصادية ومصلحة المريض، ويدفع نحو مهنة أكثر اندماجا في المنظومة الصحية الوطنية، خصوصا في ظل الأدوار الوقائية التي باتت موكلة للصيدلي. ومع الديناميكية التي يشهدها قطاع الصناعة الصيدلانية في الجزائر، تتجه الأنظار نحو مخرجات هذه الندوة، التي قد تشكل منعطفًا تشريعيًا مهمًا في تاريخ الصيدلة الجزائرية، وتؤسس لمرحلة جديدة عنوانها: شراكة، رقمنة، وجودة خدمة.
إيمان عبروس
