إن من أعظم ما ينفع العبد في حياته وبعد مماته، ويدفع عنه من السوء ما يعلمه وما لا يعلمه: بذل المعروف للناس، ومحبة الخير لهم، والإحسان إليهم؛ فإن ذلك لا يكون إلا نتاج قلب طيب طاهر يحب الخير للغير، والله تعالى يحب أصحاب القلوب السليمة، الرحماء لخلقه “وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ”، ” إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ” الأعراف: 56 ” وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” الحج:77. واصطناع المعروف باب من أبواب فعل الخير، وبذل الإحسان للخلق، والباعث عليه ما في القلب من رحمة الغير؛ ولذا كان بذل المعروف صدقة كما قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ” رواه الشيخان.
ومن آثار اصطناع المعروف: رد سوء المقادير في النفس والأهل والولد والمال؛ كما في حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ” رواه الطبراني.
ومن آثار اصطناع المعروف: تفريج كرب الدنيا والآخرة؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ” رواه مسلم.
ومن آثار اصطناع المعروف: محبة الناس ودعاؤهم؛ لأن النفوس مجبولة على حب من يتمنى لها الخير، ويصنع لها المعروف، ويبذل لها ماله وجاهه ووقته ونفسه، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ”، وقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه: “مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ سَبَقَ مِنِّي إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَضَاءَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ سَبَقَ مِنِّي إِلَيْهِ سُوءٌ إِلَّا أَظْلَمَ مَا بَيْنِي وبينه”.