شهر شعبان ينادينا

شهر شعبان ينادينا

وهاهي الأيام والشهور تمر بنا ونتعرض لنفحة طيبة، ففي هذه الأيام نحتفل بقدوم شهر جليل، إنه شهر “شعبان”  الذي يهل علينا بالخير والطاعات، شهر يستعد فيه الصالحون ويتسابقون فيه، ويراجع فيه العاصون أنفسهم، ليتوب الله عليهم. شهر قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفعَ عملي وأنا صائم”. وسمى الشهر الكريم بهذا الاسم، لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل: تشعبهم في الغارات، وقيل: لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان، ويجمع على شعبانات وشعابين. ويرجع السبب لتفضيل هذا الشهر الكريم كما فسره بعض العلماء إلى سببين:

الأول: وقوع هذا الشهر الكريم بين شهرين عظيمين: شهر الله الحرام “رجب”، وشهر الصيام “رمضان”، ومن ثم يكون كثير من الناس في غفلة عنه، وتكون طاعة الله وقت غفلة الناس أشق على العبد الصالح، فإذا كان الناس في طاعة الله عز وجل تيسرت الأعمال الصالحة على العباد، وأما إذا كان الناس في غفلة ومعصية تعسرت الطاعة على المستيقظين،

ثانياً: يرجع تفضيل هذا الشهر العظيم لفضل الصيام فيه وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “هو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”.  ولذا فيجب علينا أن نستثمر هذا الشهر الكريم ونجتهد فيه حتى إذا أظلنا رمضان أصبحنا أكثر اجتهاداً وأكثر قدرة على طاعة الله، فعلينا أن نقتدي بسنة الحبيب المصطفى فيما كان يفعله مع حلول هذا الشهر العظيم.

فقد كان من أكثر الأعمال التي يحرص عليها الرسول الكريم في شهر شعبان، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كَانَ رسولُ اللهِ يَصُومُ حتى نقول: لا يُفْطِر، ويُفْطِر حتى نقول: لا يَصُوم، وما رأيتُ رسولَ اللهِ استَكْمَلَ صِيامَ شَهْرٍ إلاَّ رمضانَ، وما رَأيتُه أكثر صيامًا منه في شعبان” رواه البخاري ومسلم، وترجع فوائد الصيام في شهر شعبان إلى أنَّ صيامه كالتمرين على صيامِ رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط.