شهر الغرباء والمساكين

شهر الغرباء والمساكين

كما أن شهر رمضان المبارك شهر الصبر؛ يعني الصبر على المعصية، والصبر على المعصية، والصبر على الابتلاء، فهو كذلك شهر للكرم والإطعام خاصة؛ لأن المؤمن يصوم في هذا الشهر، ويمتنع عن الشهوات والأكل والطعام؛ ليشعر بألم الجياع والفقراء والبائسين والمعوزين في الجوار. وإن الصوم يبعث في الإنسان الشعور والأحاسيس الدينية والإنسانية والرقة واللين، ويُلهم صفة الشكر، وضرورة دعم الآخرين والمحتاجين، فلنتفقد الأقارب وأبناء الحي، ونبحث عن الأرامل واليتامى والمساكين، ونسعَ لتفريج كَربهم، فلا بد في هذه الشهر العظيم المبارك أن ننطلق في مساعدة أبناء المجتمع أصحاب الحاجة، فالله عز وجل لا يُضيع ولا يخزي كل من يعين المسلمين؛ لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه الوحي في غار حراء، أتي بيته يرتجف فؤاده، وهو يقول لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها: “زمِّلوني”، لقد خشيت على نفسي”، فقالت رضي الله عنها: “كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ” رواه البخاري.

ففي شهر رمضان يصوم المسلم ويجوع، ويقاسم إخوانه طعامَه، وربما لو لم يصم لم يُصبه الجوع، وأصحاب الثروة والأغنياء إذا صاموا يتذكرون إخوانهم الفقراء والمحتاجين، فيدفعون لهم زكاتهم، ويتصدقون عليهم بفضول أموالهم. وإذا تفقَّدنا في المجتمع نجد أصنافًا من البؤساء، فيهم فقراء لا مورد لهم، ونسوة لا عائل لهنَّ، ومشردون لا وطنَ لهم، فقراء معدومون، يذوقون مرارة الجوع وألم الحِرمان، ويتامى فقدوا أحضان من يرعونهم يتضورون جوعًا! ونحن في رمضان نمدُّ الموائد للإفطار، ونهيِّئها بأنواع الطعام والشراب، فلا بد أن نتذكر إخوة لنا في العراء، لا بيوت تسترهم، ولا لباس يَقيهم بأسهم، يبيتون بلا طعام، ويتسحرون بلا سحور، ويفطرون على ماء.