شهرِ الله المحرَّم

  شهرِ الله المحرَّم

 

لقد أظلَّكُم عامٌ جديدٌ، واستفتحتم من الشهور الشهرَ الحميد، افتتحَ اللهُ به سائر الأعوام، وجَعَلَه غُرَّةً في تاريخ الإسلام، وآثره بمزيد الاحترام، قال تعالى: ” إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ” التوبة: 36، فاستقبلُوه رحمكم الله بتوبةٍ نصوحٍ فكُلُّ يومٍ يمضي من أعماركم فسيكونُ لكم أو عليكم شهيداً، يوم تكونون ” شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ” البقرة: 143، ” يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ” آل عمران: 30.

وقد عظَّمَ اللهُ هذا الشهرَ بأن أضافه إلى نفسهِ، فعن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: “أفضَلُ الصيامِ بعدَ رمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وأفضَلُ الصلاةِ بعدَ الفريضةِ: صلاةُ الليلِ” رواه مسلم. وخُصَّ العاشرُ في الفضيلة والصيام، فصامَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأمَرَ بصيامه، وقال: “صيامُ يومِ عاشُورَاءَ أحتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنةَ التي قبلَهُ” رواه مسلم. فالمحرومُ مَن حُرِمَ صيامَهُ، وهو يومٌ نجَّى اللهُ فيه موسى وقومَه، وأغرق فيه فرعونَ وقومَه. وقد صامَهُ الأنبياءُ عليهم السلام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “لَئِنْ بَقِيتُ إلى قابلٍ لأَصُومَنَّ التاسِعَ” رواه مسلم، مُخالفةً لليهودِ أهلِ العِصيان، فلم يبقَ صلى الله عليه وسلم إلى العام القابل حتى انتقل إلى الرَّفيق الأعلى. جعَلَ الله عامنا هذا عاماً مُباركاً علينا وعلى المسلمين، وأصلحَ لنا فيه أُمورَ الدُّنيا والدِّين، وبارك لنا بالأعمال والأرزاق، وحفظنا من جميع الشرور ومساوئ الأخلاق، آمين، اللهم اغفر لنا ما أسلفنا من الذنوب، واستر علينا بلطفك جميع العُيوب، وارفع عنا البلاء، ومُنَّ علينا بالتوبة والإنابة، وافتح لأدعيتنا أبواب الرحمة والإجابة.