مرّ هذه السنة الاحتفال باليوم العالمي للشعر مرور الكرام، حيث لم تكن هناك أمسيات شعرية ولا ندوات للحديث عن واقع الشعر في الجزائر، خاصة وأن الاحتفال بالمناسبة هذه المرة جاء في ظل الظروف الخاصة التي تعرفها الجزائر مع الحراك الشعبي. وفي هذا الشأن تحدث بعض الشعراء لـ “الموعد اليومي”…
محمد الصغير رشيد
ارحلوا واتركوا الساحة
في الوقت الحالي والظرف الذي تمر به بلدنا من حراك شعبي، نُسي اليوم العالمي للشعر، لكن بهذه المناسبة كتبت قصيدة بعنوان نحن الشباب قلت فيها:
“حتى الشعر.. لم يبق له ذوق.. هذه الأيام.. هي الأقداح الفارغة.. على عرش الموائد ..جاثمة.. لا فكر.. لا إبداع.. هي خاوية.. لا كؤوس فيها مملوءة.. لا حوار.. ولا ندوات هادفة.. حتى الشعر لم يبق له ذوق.. هذه الأيام أصوات تنادي.. تهتف.. ارحلوا.. اتركوا الساحة.. نحن الشباب.. نحن اليد البارعة.. لا حياة لمن تنادي.. شيوخ تتطاول.. في الحكم ثابتة.. تسيّب ضياع.. آه يا بلدي.. شباب ينادي… ارحلوا.. نحن الشعب… نحن الشباب، نشيد نبني البلد والجزائر حرة عامرة”.
لأن الشباب هو الوقود لهذا الحراك، الشعر هو الحياة، هو التعبير الحر يساير الزمان والمكان.. قديما الشعراء هم أصحاب القلم، هم الكتاب، هم الصحافة، كما يقال الآن، يكتبون أشعارهم في السلم، في الحرب، الشعر هو الإعلام قديما.
رياض بوحجيلة
“ارحل”
لقد كتبت قصيدة شعرية تحدثت فيها عن الحراك الشعبي، قلت فيها “ارحل”، يقول الشيخ أتعبه جهاز الأكسجين بكفه لأَعبّ آخر شهقة من موطني حرا لعلِّ.. ارحل تقول صبيّة في الحشد تزرع وردة في كل فوّهة وتزرع في فؤاد الضابط المسلوب نصلا.. ارحل يقول الطفل أتعبه الهتاف مع المسيرة خلف والده يقلّب لعبة في جيبه لأعود طفلا.. ارحل يقول مزارع لأعود للحقل الذي أهملته وتعود للأغصان خضرتها.. وأزرع جنب ذاك القمح نسرينا وفلا.
إرحل يقول مجاهد من دون أوسمة تزين صدره وبطاقةٍ رسميةٍ لأكف عن ترديد (يااااا يا ليتني قد مت قبلا..).. ارحل يقول القاضي المكدود أرقه رنين الهاتف الليلي حتى نملأ الطرقات عدلا.. ارحل يقول مهاجر لأعود.. أتعبني التشرد في بلاد الآخرين وكدت أنسى أن لي وطنا وأهلا.. ارحل كرهتك قالت امرأة بباب البيت تنتظر ابنها.. تختار في أحلامها أسماء صِبْيته وثوب عروسه وتمدّ نحو الله أدمعها وقلبا كم تقلب في لياليها وصلى.. ارحل يقول (محمد الأواب) لا أدري لِمَه؟ لكن ترحّل عن غدي.. ارحل ليفرح والدي وينام ليلا وارحل تقول حبيبتي لأصير أحلى.. ارحل أقول أنا لتولد طفلتي مثل القصيدة حرة.. وأعود للأحباب والأشعار فانوسا وظلا.
وعن عدم انتشار ما كتب عن الحراك الشعبي من قصائد، قال رياض بوحجيلة:”هذا يرجع في رأيي إلى الفجوة الكبيرة بين الشعراء والمثقفين عموما والجمهور والتي يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عنها هؤلاء المثقفون لأنهم انشغلوا بمشاكلهم النخبوية وانعزلوا في أبراجهم العاجية، ولم يعد الشعر صوت المقموعين والمهمشين وانفصل عن هموم الشارع اليومية، بالإضافة إلى الانتهازية التي تميز الكثير من الوجوه الثقافية التي تحتل الواجهة، حيث أنها لم تتخذ موقفا واضحا في بداية الحراك وإنما ركبت الموجة متأخرة، فانعكس دور المثقف من متبوع إلى تابع. طبعا لا يمكننا أن نعمم هذا الحكم على الجميع لكنه ينطبق خصوصا على الوجوه البارزة التي تحتل الواجهة الثقافية الرسمية والتي لها مصالح مع السلطة لا يمكنها أن تتخلى عنها بسهولة.
صباح عمر
لم يتأخر الشعر عن الحدث
داية ما يحدث في وطننا مفرح جدا دلالة على الوعي وثقة الشعب بنفسه وقوة عزيمته على تغير ما كان سائدا
من فساد بإسقاط النظام المثير للاشمئزاز. أما عن شعراء العصر ومدى مجاراتهم للحراك الشعبي لتغيير الوضع،
فمن وجهة نظري فيه من نظم أجمل القصائد وقرأت منها، وفيه من عبر عن وجوده بالخروج في المسيرات
السلمية… وفيه من طأطأ رأسه كالنعام لأنه ذات يوم كان قلما من أقلام الفساد رأى مصلحته فوق كل شيء..
وفيه من اكتفى بشبكات التواصل الاجتماعي كطريق يوصل به فكره ومساندته ولو ببيت شعري أو مقولة.
عاشور بوكلوة
لا يمكن الاحتفال والحراك في أوجّه
إذا تقصدين قصائد حول الحراك الشعبي بصورة مباشرة.. فربما تجدينها في صفحات الشعراء، وإذا
كانت قصائد رفض النظام بصفة عامة، فهي موجودة في الدواوين المطبوعة.. وما أكثرها.
الاحتفالات هذا العام ذابت جميعا في الحراك.. أي مؤسسة ثقافية يمكنها أن تنظم احتفالية بعيد
الشعر والحراك في أوجّه. أكيد أن الشعر حاضر في مختلف المناسبات، وأن هناك الكثير من
الشعراء الذين كتبوا معبرين عن الرفض سواء أثناء الحراك أو قبله، ومعظمهم كتب قبل الحراك
بطريقة أو بأخرى يبقى تتبع ورصد هذه القصائد وهذه الكتابات من مهام النقاد.
كلمتهم: حورية/ ق
