إذا نظرنا إلى الدعوة الإسلامية في انطلاقتها الأولى، نجد أن من حملها ونشرها وذاد عنها، شباب مخلصون مؤمنون يتقدون فتوة وحيوية وشعلة من نور الإيمان، أمثال علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، والزبير بن العوام، وسعد ابن أبي وقاص، ومصعب بن عمير، وجعفر بن أبي طالب، وأبي عبيدة… وغيرهم الكثير. شباب عاشوا وتَربَّوا في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى يديه، شباب تمسكوا بدينهم ونصروه، أولئك الشباب، هم قدوة لشبابنا اليوم. أولئك الشباب الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان بالله، واجتمعت لهم الحيوية والقوة البدنية، فدفعهم إيمانهم لاستخدام قوتهم في سبيل الله، للدفاع عن الحق وأهله، ولنشر راية التوحيد، ولم يغتروا كغيرهم من شبابنا في هذا العصر، برفع رايات باطلة وشعارات زائفة، لم يغتروا بصرف طاقاتهم وجهودهم، واستغلال قوتهم في نشاطات لا تغني عنهم ولا عن أمتهم شيئا. أولئك الشباب، لما كان هذا الإيمان في قلوبهم اعتقادا يقينا، انبثق عنه سلوك عمليٌّ ترجموه على أرض الواقع في حياتهم الخاصة والعامة ترجموه عملا في عباداتهم ومعاملاتهم، بحيث لم يقْصُروا الخير على أنفسهم، بل حرِصوا على نشره لغيرهم في الأرض كلها، فما أحوج شباب أمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام إلى أمثال أولئك يقتدون بهم ويسيرون على أثرهم.
الشيء الذي نأسف له، أننا نجد شبابنا اليوم ينشأ مقتديا ومتأثرا بنماذج جذابة في ظاهرها مخربة هدامة في باطنها من رياضيين وممثلين وفنانين وغيرهم. فلو اطلعنا على خبايا حياةِ هذه النماذج التي انبهر بها شبابنا، نجدها أبعد ما تكون عن النموذج الصالح، فمعظم هذه النماذج التي يقتدي بها شبابنا، غارق في الانحلال الخلقي، والمخدرات، والجنوح نحو الشذوذ، والخروج عن الفطرة. شباب أمة النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم هم أحوج إلى نماذج قوية في شخصيتها، طاهرة في نفسها، طيبة في سريرتها، سليمة في عقيدتها، متكاملة في شخصيتها، مستقيمة صالحة مع فطرتها حتى يقتدوا بها.
لقد علم أعداء الإسلام أهمية دَوْرِ القدوة الصالحة في بناء الأمة وتقدمها، فسعوا إلى إفراغ الأمة من محتواها، وتجريدها من قدوتها وتدميرها، فخططوا ودبروا كيدهم لتمييع الشباب، وتسميم أفكارهم، وزرع الميوعة والخلاعة في نفوسهم، وتبديد طاقاتهم وتعطيلها وتخريب قوتهم، وذلك بزرع نماذج تمثل أرقى الفساد والإفساد. فكان لهم ما أرادوا، فأخرجوا لنا شبابا متبعين مقلدين لهم في التصرفات والحركات، متشبهين بهم في السيرة والسريرة، معجبين بأفكارهم، ظنا منهم أن تلك هي الحياة والسعادة الأبدية. لقد خطط أعداء الإسلام ودبروا فظهر جيل من الشباب مترفٌ عابثٌ ساهٍ لاه تائه، لم يَفلَح في دين ولا دنيا، يُضيع أوقاته ويقتُلها في سفاهات الأمور والشهوات والملذات المحرمة، شباب لا يهتمون بعظائم الأمور، يحبون الراحة والكسل، ويسعون للحصول على الشهوات بأي أسلوب، حتى أصبحت الشهوات هدفهم في الحياة. فيا شباب الأمة، إنكم لن تجدوا السعادة الحقيقية، ولن تنعموا بها إلا في الالتزام بدين الله والاستقامة على صراطه المستقيم..الطمأنينةُ وراحة النفس لن تجدوا ذلك إلا في هذا الدين الذي ارتضاه الله لكم.
من موقع شبكة الألوكة الإسلامي