قبل تسع سنوات تماما، انتقلت سلمى بكوش من مدينتها الصحراوية حاسي مسعود إلى العاصمة لدراسة علوم الحاسوب في المدرسة العليا للإعلام الآلي، بعد حصولها على شهادة البكالوريا.
وقبلها كانت فاطمة الزهراء بن حميدة قد انتقلت من المدينة نفسها للدراسة في العاصمة، وأصبحت باحثة وأستاذة متخصصة بأنظمة الحاسوب في المدرسة نفسها، لتبدأ علاقة تعارف فصداقة بين شابتين اقتحمتا عالم المعلوماتية ومثلتا الجزائر في أشهر فعاليات مؤسسات وادي السيليكون بالولايات المتحدة، وأصبحتا ملهمتين للجزائريات عامة والصحراويات خاصة.
وتقول سلمى لـ “الجزيرة. نت”، “عانيت في المدرسة من الرياضيات التجريدية والمواد التقنية، غير أنني تمكنت من اقتحام عالم المؤسسة من خلال مشاركتي في التربصات (الدورات) والتحاقي بنواديها، فعملت على المشاريع السنوية وتعلمت كتابة التقارير وطرق التواصل والإلقاء والعمل الجماعي والعمل تحت الضغط وحل المشكلات بأقل وقت وتكلفة”.
سنة 2012، بدأت صداقة سلمى بكوش التي كانت طالبة وفاطمة بن حميدة التي كانت أستاذة وباحثة في مدرستها، بعد لقاء حدث صدفة في مدينتهما حاسي مسعود أثناء العطلة الجامعية.
وتقول سلمى عن علاقتهما: “اهتمامنا المشترك بالتطوع جعلنا نلتقي أكثر، وبعدها جعلتها مرشدتي (My Mentor)”، أما فاطمة فتقول عن سلمى “لطالما تمنيت العمل مع سلمى لما تملكه من طاقة ورغبة في مساعدة أهل المنطقة”.
كل ما سبق حدث قبل اكتشاف سلمى لبرنامج “تيك ومن” (TechWomen) الذي غير حياتها وأدخلها عالم ريادة الأعمال التكنولوجية، وجعلها تتخطى حدود الوطن وليس الصحراء فقط، رفقة فاطمة الزهراء بن حميدة.
البرنامج مخصص لتطوير النساء في مجالات العلوم التكنولوجيا والهندسة والرياضيات التي ما يزال الرجال يسيطرون عليها إلى اليوم، ويعمل على تطوير ثقة المرأة بنفسها وتنمية قدراتها في مجال القيادة لتتقدم على الصعيد الشخصي والمهني.
تروي سلمى لـ “الجزيرة. نت” رحلتها الملهمة قائلة: “التقيت صدفة بزميلتي برشا بيا، فحدثتني عن التحاقها بالبرنامج عام 2014، بعدها بسنة كنا استضفنا المتحدثة حنان خضر من الأردن لتحدثنا عن دور “تيك ومن” في تحويل مسارها المهني من موظفة إلى رائدة أعمال في مجال البرمجة للأطفال فألهمتني”.
عام 2016 قدمت سلمى أول طلب للالتحاق بالبرنامج ورُفض لنقص الخبرة المطلوبة، وعام 2017 تابعت مشاركة صديقتها فاطمة بن حميدة فيه، وعملت على تطوير مهاراتها حتى حققت هدفها بالالتحاق بالبرنامج عام 2018.
وتقول فاطمة بن حميدة إن التحاقها بالبرنامج كان بتحفيز من زوجها الذي يدرك محتوى البرنامج وأهدافه أكثر منها، وتوضح “سجلت في البرنامج للاطلاع على أساليب الإدارة، والتواصل، والعمل على تطوير الذات والمهارات العملية والنفسية. وبعد خمسة أسابيع من التدريب المكثف في قلب كبرى الشركات الأكثر إلهاما في التكنولوجيا وريادة الأعمال، اقترحت مشروعا خيريا في الجزائر”.
وبينت أن البرنامج يهدف لتعزيز المهارات المكتسبة وإيصالها للفتيات والنساء القادمات من مناطق معزولة، لمعرفة أين تتمحور الفرص في المدن الكبيرة فقط. وقد فازت بمنحة تشجيعية لبدء مشاريع خيرية مقدمة من سفارة الولايات المتحدة الأميركية في الجزائر، بداية من جانفي 2020.
ويعتمد البرنامج على التدريب بالتوجيه (Mentoring)، وكل الموجهين (Mentors) في البرنامج متطوعون في المجال المهني والثقافي، وهو ما تجده سلمى الأسلوب الأنسب للتعلم لأنه لا يقوم على التلقين، كما يمنح البرنامج تأشيرة لدخول كبرى مؤسسات وادي السيليكون وهو حلم كان يراودها.
وتمكنت سلمى بفضل البرنامج من زيارة شركتي لينكدان وفيسبوك وقضاء ثلاثة أسابيع تدريب في تويتر، إضافة للتبادل الثقافي بين المشاركات، والميزة الخاصة للبرنامج أن رحلة التعلم لا تتوقف وتظل المتخرجات يتلقين الدروس والفرص منه.
ب/ص