سوق التدوير المحلي بإمكانه توفير 88 مليار لخزينة الدولة… الاقتصاد البيئي رهان تخوضه الجزائر لتحقيق التنمية المستدامة

elmaouid

زرواطي: نجاح إستراتيجية تسيير النفايات يعتمد على مدى مراجعة القوانين

-الانتقال للاقتصاد الأخضر حتمية لخلق مناصب عمل دائمة

تسعى الجزائر إلى النهوض باقتصادها من خلال التخلي عن اقتصاد المحروقات المعرّض لهزات بين الفينة والأخرى، والتوجه لاستثمارات أخرى بإنعاشها العديد من القطاعات أبرزها الفلاحة وكذا السياحة والصناعة التقليدية، قصد تحقيق التنمية المستدامة مثل ما هو الحال في الدول المتطورة، فقطاع البيئة والطاقات المتجددة بإمكانه لوحده خلق ما يفوق 000 100 منصب شغل مباشر وغير مباشر في مجال تسيير النفايات، والتوجه للاستثمار في هذا القطاع يتوقف على مدى توفر الإرادة السياسية لتجسيد مختلف المشاريع التنموية في عديد ولايات الوطن وكذا مدى مراجعة القوانين.

وقد أكدت دراسة ميدانية أن حجم توليد النفايات في القارة الإفريقية وصل إلى ما يقارب 125 مليون طن في السنة، والجزائر تولد 13 مليون طن في السنة، أي ما يقارب 9 بالمائة من إجمالي الناتج على المستوى القاري، حيث تقوم الجزائر برسكلة ما قيمته 7 بالمائة من نفاياتها بالجزء المعتاد تدويره بإفريقيا، ووعيا بهذه القضايا الرئيسية كثفت الجزائر إجراءاتها في مجال حماية البيئة بما يتماشى مع المستجدات الحاصلة منذ قرابة عقدين من الزمن، عن طريق فتح نقاش وطني موسع مع كل الفاعلين حول الإستراتيجية الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة، تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما أثمر بصدور المخطط الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي يعتبر بمثابة وثيقة مرجعية معترف بها دوليا، وعلى هذا الأساس تم وضع إجراءات مؤسساتية وتنظيمية الهدف منها التوصل إلى تسيير البيئة والمحافظة على الإطار المعيشي للمواطنين، مع إعطاء الأولوية لتحسين تسيير النفايات، عن طريق إزالتها.

 

تطور السلوك الاستهلاكي يتطلب وضع إستراتيجية لتسيير النفايات

قامت السلطات المحلية بالتكفل بمختلف النقاط الساخنة وإنجاز العديد من مراكز الردم التقني، وتمت هذه الإجراءات عن طريق الاعتمادت المالية العمومية للدولة بغية تحسين الإطار المعيشي للمواطن، وكذا القضاء النهائي على عدد معتبر من المفارغ العشوائية، كما سمحت هذه المرحلة بإنشاء آليات إدارية للتحكم في النفايات ونقلها وتخزينها ومعالجتها دون نسيان الترسانة القانونية التي تم سنها، وتعتمد الدائرة الوزارية على مؤسسات تحت الوصاية المنشأة لهذا الغرض وعددها 7 تغطي مختلف مجالات التوعية وتعزيز القدرات، والمتمثلة في الوكالة الوطنية للنفايات، المركز الوطني لتكنولوجيات إنتاج أكثر نقاء، الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية، إضافة إلى المركز الوطني لتنمية الموارد البيولوجية والمحافظة الوطنية للساحل، وكذا المعهد الوطني للتكوينات البيئية إلى غير ذلك من الوكالات الأخرى التي تعمل على تطوير قطاع البيئة.

ومن أجل ضمان التسيير الفعال والناجح، يجب الأخذ في عين الاعتبار التغيرات التي طرأت على عادات الاستهلاك في المجتمع، خاصة مع تزايد إنتاج الأغلفة وغزو البلاستيك الذي أدى إلى تشبع سريع لخنادق مراكز الردم التقني خاصة تلك المتواجدة بالمناطق الحضرية الكبرى، نظرا للكثافة السكانية الكبيرة التي تعرفها هذه المناطق، وفي هذا الصدد يجب إعادة النظر في تسيير النفايات الحضرية والمنزلية، وكذا أنماط الاستهلاك غير المستدامة، وهذا من خلال الإستراتيجية الحالية للتسيير المدمج للنفايات، كما أن تطور السلوك الاستهلاكي لدى الفرد الجزائري يستوجب وضع إستراتيجية تدريجية لتسيير النفايات أفاق 2035 من أجل التصدي لمختلف التحديات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى.

 

الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر ضروري لخلق مناصب عمل دائمة

يعرف بلدنا إسرافا في استعمال الموارد الطبيعية الذي يخلف أثارا سلبية على البيئة وعلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما أدى إلى رفع الوعي العالمي والوطني لإبراز مفهوم الاقتصاد الأخضر، ومن بين أسسه اعتبار النفايات كمنتجات ثانوية للتثمين، وبالتالي مادة خام تضمن الانتقال من اقتصاد خطي إلى اقتصاد دائري بهدف تحفيز الإنتاج، وترقية بيئة صناعية حقيقية وضمان اقتصاد الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، في إطار إكمال الأحكام الدستورية الجديدة التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والمقررة في دستور 2016، وعليه فإن عملية تسيير النفايات يجب أن تتم من الآن فصاعدا من خلال احترام خطوات تسيير وتنظيم المجالات، عن طريق منح امتياز إعادة الاستعمال والرسكلة والتثمين بما سيسمح بتوفير الموارد وإنشاء شركات متخصصة وخلق فرص عمل دائمة، وبالتالي ضمان الانتقال إلى اقتصاد دائري منتج.

 

زرواطي: نجاح إستراتيجية تسيير النفايات يعتمد على مراجعة القوانين

أعلنت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فاطمة الزهراء زرواطي، أن مشروع الإستراتيجية الوطنية لتسيير النفايات أفاق 2035 ، مع الإتحاد الأوروبي، يسمح بخلق 100 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر، و نجاحه مرتبط بمراجعة الأحكام القانونية المتعلقة بتسيير النفايات.

وأشارت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، إلى أن التعاون مع الإتحاد الأوروبي من خلال برنامج تدعيم السياسة القطاعية للبيئة، أثمر بإعداد دراسة حول الإستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات أفاق 2035، حيث شرع في إعداد هذه الدراسة منذ سنة ونصف، بمجموعة من العمليات الشاملة التشاركية مع الهياكل المركزية اللامركزية  لكل الدوائر الوزارية، من أجل وضع حيز العمل إستراتيجية مشتركة للتسيير المدمج للنفايات، تتطلع إلى الاتجاهات الكبرى على المدى القصير، المتوسط و الأقصى، وكذا تشجيع الفرز الانتقائي من المصدر.

وأضافت زرواطي، أن القضاء على كل المفرغات العشوائية بالطريقة التي تقلل من الأخطار الصحية والبيئية وكذلك القيام بإصلاحات اقتصادية، جاء لتطبيق مبدأ الملوث الدافع ومبدأ المسؤولية الموسعة للمنتج، وسيسمح بخلق ما يفوق 100 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر أفاق 2035، كما أن نسبة الاستثمار في النفايات القابلة للتثمين تقدر قيمتها في السوق بأكثر من 30 مليار دينار جزائري، وهو رقم كبير ويعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، مؤكدة أن نجاح الإستراتيجية يعتمد على مراجعة الأحكام القانونية المتعلقة بتسيير النفايات لإدراج  مفهوم الاقتصاد الدائري الأخضر والقضاء الكلي على المفارغ العشوائية، وكذلك تحصيل الجباية المحلية.

 

مدير مشروع الإستراتيجية الوطنية لتسيير النفايات، شريف عريف لـ “الموعد اليومي”:

سوق التدوير بالجزائر يصل إلى 88 مليار

أكد مدير مشروع الإستراتيجية الوطنية لتسيير النفايات، شريف عريف، أن العديد من الدول العربية التي تبنت المشروع نجحت في القضاء على النفايات، وهذا بإشراك القطاع الخاص في العملية، ونجاحه بالجزائر متوقف على مدى توفر الإرادة السياسية لإنجاحه.

وقال مدير مشروع الإستراتيجية الوطنية لتسيير النفايات، لـ “الموعد اليومي” ، إن العديد من الدول العربية تبنت هذا المشروع الذي أظهر نجاعته منذ سنوات، حيث توصلت للقضاء على النفايات والتحكم فيها، وعلى سبيل المثال الأردن ولبنان التي تحضر لتجسيده، مشيرا إلى أن مصر تبنت الاستراتيجية منذ 1995 ولكنها لم تنجح نظرا للكثافة السكانية الكبيرة، والتي تبلغ 1000مليون، ووصلت نسبة النفايات بالقاهرة لوحدها إلى 10 آلاف طن، التي تعد أكبر منطقة تعاني من الكثافة السكانية، وكشف الخبير السابق في البنك الدولي، أنه حسب دراسات أجراها مختصون، أظهرت أن سوق التدوير بالجزائر يقدر بـ 88 مليار، مما يسمح بتطوير الاقتصاد الذي يجب تنويعه خارج المحروقات.

كما أوضح شريف عريف، أن نجاح المشروع مرتبط بتوفر الإرادة السياسية لتجسيده واقعيا، ويجب أن يكون قانون جدي مشترك بين القطاع الخاص والعام.

 

مدير إحدى الشركات الخاصة في جمع النفايات، محمد عامر لـ “الموعد اليومي”:

“نجاح الإستراتيجية مرهون بمدى إشراك القطاع الخاص”

أكد مدير إحدى الشركات الخاصة في جمع النفايات، محمد عامر، أن مشروع الإستراتيجية الوطنية لتسيير النفايات، والذي يأتي بالشراكة مع الإتحاد الأوربي، يشكل أهمية كبيرة للاقتصاد الوطني، ونجاحه مرهون بمدى الإشراك الفعلي للقطاع الخاص في العملية.

وأوضح محمد عامر لـ “الموعد اليومي”، على هامش انعقاد الندوة حول الإستراتيجية الوطنية لتسيير النفايات، بفندق سوفيتال، لا نريد أن تتكرر تجربة مصر بالجزائر، حيث بعد سنوات من تطبيق المشروع، وصرف مبالغ مالية معتبرة تبين فشله نظرا للكثافة السكانية الكبيرة لمصر وكذا تخاذل القطاع الخاص في تجسيد المشروع، داعيا لفتح الأبواب للذين يريدون العمل بجدية، كما أعاب عدم ادراج التكفل بالنفايات البحرية التي أصبحت مشكلة حقيقية يتطلب وضعها في عين الاعتبار نظرا لما تمثله الواجهة البحرية من أهمية.