قد ملأت كؤوس حيرتي خمرا..
ومن وجنتيك زدت قطعة سكر..
وانصرفت في صمت بين أنفاسي
كأنك لا تدرين أن الجفا يدمر.
وأن العود لما ينهار طربا…
فهو يغتال من رنين الوتر..!
وأن السماء لا تبكي ألما..
إنه الغيم يذرف سيل المطر..
والعاشق لا يبكي من السياط
فللعيون سهام تدمي النظر
عجبي في صمتك يا سيدتي
يا سحرا كان أدهى وأمّر..!
لا تقولين إني أغازلك حبا..
أو غراما أكتبه سرا مسطر
فأنا وبالشعر أرسم عناويني
وعلى الجداريات بكل العبر
وأشتاق دوما للنقش مرمما
ما أراه يبلعني بهول البصر
إن في عينيك طيف وسراب.
وبين رموشك ما لا يفسر..
وفي كل زاوية بريق سهم
يرتل قصائدي ولا ينتحر..!
ملأت كؤوس لوعتي شهدا
ونمت في كل بيت بلا خطر
كيف أزيد في المدح وأكتبك..
وكيف لي أن أراك وانتشر..؟
عاهدت نفسي يوم تبصرني
تلك الأهداب ألا أسافر..
ولا أشد الرحال خوفا ولا..
أترك من زارتني بحكم القدر..!
وألقت على كاهلي أوزارها
ليتها جادت بفيض عكر..!
يا صاحبة السهمين في خاطري
قد ضاع مني الدرب وغاب الأثر
وحين أصحو من روعة السكر
أرى كأسي قد زاد وانهمر..
وما حولي قد تورط بحيرته
وما بداخلي ضاع بين الجزر..
علميني بربك كيف أهواك..
وكيف أهوى صوب ذاك البصر.؟
بربك أنقذيني واعتقي جسدا
مال كالمهزوم حسرة واندثر..
بربك لا ولن تبرحي مجالسي
فكل الأماكن يا سيدتي تنتظر
إني أخاف من ظلام يلمسني..
ساعة الغروب أو عند السمر..
فليل عينيك تهابه الثواني
وتخشاه الأنوار وذاك القمر..
سهام الصمت توخزني بلا عذر
ليتك يا سهاما تأتيني عند السمر
وتلبسيني ثوب. الحنين مرة..
علّني إذا ما تفطنت أحيا معطر.
محمد نجيب صولة/بسكرة