يبدأ تشكل العظام في وقت مبكر جدًّا من حياة الجنين في اليوم العشرين قبل أن يبدأ تشكيلُ العضلات، وقد أشار القرآن الكريم إلى أسبقية خلق العظام على العضلات؛ أي: اللحم، وهذه الإشارة منذ 14 قرنًا من الزمان، في قوله تعالى ” فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ” المؤمنون: 14،ويكتملُ تشكيل العِظام ما بين الأسبوعين الخامس والسادس، لكنها تكون غضروفية ثم تتكلس “أي تتعظم”، والتعظم هو تحوُّل الغُضْروف إلى عظمٍ، يبدأ من الحياة الجنينية ويستمر بعد الولادة إلى سن اكتمال النمو الطولي من 17 سنة إلى 21 سنة، ويبقى في أطراف العظام طبقةٌ غُضْروفية، والحكمة من وجودها أنها تمتصُّ الصدمات، ومِن رحمة الله بنا وجودُ قرص غُضْروفي بين كلِّ فِقْرتين من فِقْرات الظهر، يعمل على امتصاص الصدمات؛ ليكسب الإنسان حياةً مريحة، وعندما تتقدَّم السنُّ بالإنسان تتحول إلى مادة صلبة تفقد ليونتها وتقرب مِن العظام.
منذ زمن قريب كان يُعتَقد أن العظام والعضلات تظهران وتَنموانِ معًا، غير أن البحوث العلمية الأخيرةَ أظهَرت حقيقةً مختلفة تمامًا لم يكُنْ أحدٌ ينتبِه إليها، وهي أن نسيجَ الغضاريف في الجنين يتحوَّل إلى عظام أولًا، ثم يتمُّ اختيار خلايا العضلات من الأنسجة الموجودة حول العظام، لتتجمع هذه الخلايا وتلفَّ العظامَ، غير أن هذه الحقيقة التي كشفها العلمُ الحديث قد أخبرنا ربُّنا عز وجل بها في القرآن قبل 1400 سنة. وبهذا التتابع يثبت العلم الحديث ما جاء به النصُّ القرآني بالإشارة إلى التتابع السريع بين مرحلة العظام ومرحلة الكسوة، وذلك بوجود حرف الفاء في كلمة “فَكَسَوْنَا” مشيرًا إلى السرعة والترتيب، وكذلك فإن لفظ الكسوة يشير أيضًا إلى التنوع والتشكل في العضلات، كل حسب وظيفته في موقعه التشريحي، ولو تأمَّلنا في الآية الكريمة لوجدنا الاتصال الدقيق بين الكسوة والعظام، حتى إنه لا يفصل فاصلٌ بين كلمة “الْعِظَامَ” وكلمة “لَحْمًا”، يدل ذلك على الارتباط الوثيق بين اللحم والعظام في الآية الكريمة، وهذا ما أكدَتْه أقوال المفسرين من علماء المسلمين.