الإنسان هو ذلك الكائن العجيب الحي، فهو مِن أعقد الأحياء على وجه الأرض، وما تزال البحوثُ الطبِّية الحديثة تكشف عن عظمة الخالق جل شأنه، القائل في كتابه: ” وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ” الذاريات: 21. فالإنسان يتألَّف مِن عدد ضخم مِن الأجهزة أهمها القلب، فهو مِن أعجب الآلات في جسمه، وجاءت العبادات في مجموعها – وعلى اختلاف أنواعها وأشكالها – تهدف إلى تطهير القلب مِن أمراضه، فالقلب هو القائد والآمر والناهي، والأعضاء والجوارح كلها جنودٌ له وخَدَمٌ وأتباع، فالقلب مِضخَّة مزدوجة تضخ الدم الذي يحمل الغذاء والوقود إلى كل خلية أو نسيج وعضوٍ وجهاز، عن طريق شبكة من الأوعية الدموية، يزيد طولها على مائة وخمسين كيلو مترًا، والقلب يعمل منذ الشهر الثاني من حياة الجنين، وحتى يأتي أَجَل الإنسان، فإنه لا يغفُلُ ولا يسهو، ولا يقعد ولا يَمَلُّ ولا يشكو، بل يعمل دون راحةٍ ولا صيانة، فإذا سكن وتوقَّف في قفصه واستراح، خلَّف وراءه جثةً هامدة كأنها أعجازُ نخلةٍ خاوية.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائلُ عن القلبِ: “ألا إن في الجسد مُضغةً، إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله، ألا وهي القلب” أخرجه البخاري ومسلم. فقد اهتم القرآن الكريم اهتمامًا خاصًّا بالقلب البشري، فأورد ذكرَه في عشرات الآيات، وعدَّه مِن أشرف أعضاء البدن، ونسب إليه الكثير من الوظائف التي نذكر منها:
– القلب هو موضع الإيمان: “إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ” النحل: 106.
– موضع التدبر والتعقل: “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ” محمد: 24.
– وهو موضع الطمأنينة والسكينة: “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ” الرعد: 28، “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ” الفتح: 4.