لقد أخبر القرآن عن أناس تخصصوا في نحت الحجارة في الجبال، وقد يكون هؤلاء النحاتين قد وجدوا في أكثر من مكان. في رمال الصحراء وتحديداً في جنوب غرب عُمان قام العلماء بإزاحة الرمال عن أغرب حضارة نحتت الجبال لتصنع البيوت فكانت هذه البيوت الفاخرة مكاناً آمناً لقوم عاشوا قبل أكثر من خمسة آلاف سنة. ويقول الباحثون: إن حضارة هذه المدينة تميزت بالازدهار والرخاء والغنى وامتلاكهم الكثير من الثروات فعاشوا حياة رفاهية. ولا يعلم الباحثون بالضبط أسباب الاختفاء المفاجئ لهذه المدينة التي تميزت بقدرة أهلها على نحت الحجارة بدقة عالية، ولكن العجيب أننا نجد إشارة لقوم عاشوا في مثل هذه البيئة فنحتوا الجبال بيوتاً ولكنهم أفسدوا في الأرض واستكبروا فأهلكهم الله بذنوبهم.
يقول تعالى: “وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ” الحجر: 80-84. وسبحان الله، كل الثروات والقوة التي امتلكوها لم تمنع عذاب الله عنهم ولم يتمكنوا من الهرب من مصيرهم الأسود. ولذلك فإن الإشارة القرآنية لأصحاب الحجر تعتبر معجزة تاريخية لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم بمثل هذه المدن المنحوتة داخل الجبال. والباحثون اليوم لم يعثروا على ما يؤكد أن هذه البيوت المنحوتة تعود لقوم عاد أو ثمود أو أصحاب الحجر. ولكننا نقول هما اختلفت التسمية إلا أن الحقيقة القرآنية والتاريخية متطابقة. فقد أخبر القرآن عن قوم نحتوا الجبال بيوتاً في زمن لم يكن أحد لديه علم بهذا الأمر، ولم تكن مثل هذه المدن الأثرية مكتشفة بعد، وإن وجود ذكر مثل هذه البيوت المنحوتة في الجبال دليل على صدق القرآن وأنه كتاب المعجزات.