تضمن القرآن الكريم العديد من الحقائق العلمية التي أثبتها العلم الحديث ولا يزال يثبتها يومًا بعد يوم، من ذلك ما جاء في قوله تعالى “ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون” الحجر:14-15. وأول مَلْمَحٍ إعجازي علمي في الآية الأولى، قوله تعالى: “بابا من السماء” فقد أثبت العلم بما لا يدع مجالاً للشك أن السماء ليست فراغًا، كما كان يعتقد الناس إلى عهد قريب، بل هي بناء محكم، لا يمكن ولوجه إلا عن طريق باب يُفتح يتم الدخول منه. وإلى سنوات قريبة، لم يكن في علم أحد من الناس أن السماء -على اتساعها- ليست فراغًا، ولكنها مليئة بالمادة على هيئة رقيقة للغاية، تشكلها غازات مخلخلة، يغلب على تركيبها غازا الإيدروجين والهليوم، وقليل من الأوكسجين والنيتروجين، وبخار الماء، والنيون، مع انتشار هائل للأشعة الكونية بمختلف صورها. ويعود السبب الرئيس في تصور أن الكون فراغ تام هو التناقص التدريجي لضغط الغلاف الغازي للأرض مع الارتفاع عن سطحها، حتى لا يكاد يُدرك بعد ألف كيلو متر فوق سطح البحر. وكما سبق القول، فقد أثبت العلم مؤخرًا أن السماء بناء محكم، تملأه المادة والطاقة، ولا يمكن اختراقه إلا عن طريق أبواب تفتح، وهذا ما ذكره القرآن من خلال الآية التي نحن بصدد الحديث عنها، وغيرها من الآيات، وفي هذا شهادة على صدق هذا القرآن، وأنه تنـزيل من رب العالمين، وأن كل ما في الكون “صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون” النمل:88. وثاني ملمح علمي إعجازي في هذه الآية يتجلى في قوله تعالى “فظلوا فيه يعرجون” و”العروج” لغة: سير الجسم في خط منعطف منحنٍ، وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن حركة الأجسام في الكون لا يمكن أن تكون في خطوط مستقيمة، بل لا بد لها من التعرج والانحناء، نظرًا لانتشار المادة والطاقة في كل الكون. فأي جسم مادي -مهما عظمت كتلته أو تضاءلت- لا يمكنه التحرك في الكون إلا وَفْقَ خطوط منحنية. لقوله جل وعلا “يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها” سـبأ:2.
من مقالات الباحث عبد الدائم كحيل