فكما كانت للإسلام توجيهات في نظافة الشَّوارع، والطُّرقات، والبُيُوت لا غَرْو أن يُنبِّه بشدَّة على عدم تلويثِ مصادر المياه، التي تستعمل للغسيل، والشُّرب… أو غير ذلك، ثمَّ هو قد نهى عنِ التَّخلي – أي التَّغوط، وهو التَّبرز – في طريق الناس، وفي ظلهم، ومنع إلقاء الزبالة، أو النجاسة فيها، وحرَّم التَّبول، أو التبرز فيها، واعتبر ذلك مجلبة للطَّرد من رحمه الله تعالى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “اتَّقوا اللاَّعنين” قالوا: “وما اللاَّعنان يا رسول الله؟!”، قال: “الذي يتخلَّى في طريق النَّاس أو في ظلهم” وفي رواية: “وأفنيتهم أو مجالسهم”. ورُوِي أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: “اتَّقوا الملاعن الثَّلاث: البُراز في الموارد، وقارعة الطَّريق، والظِّل”. ثم هو صلى الله عليه وسلم قد “نهى أن يُبال في الماء الرَّاكد” أوِ الدَّائم الذي لا يجري، وقال أيضًا: “لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدائم ثمَّ يغتسل منه”. وإذا كانت تلك الأحاديث – وما في معناها – من مكارم الأخلاق تحث على النَّظافة، وتحرم مثلاً “التَّخلي في طريق النَّاس وظلهم؛ لِمَا فيه من أَذِيَّة المسلمين بتنجيس من يمر به، ونتنته، واستقذاره، فإنَّ كثيرًا من الأوبئة مثل: الكُولِيرَا، والتَّيفود، وشلل الأطفال، والْتِهاب الكبد المُعدي، قد تنتقل بالماء وتعيش فيه، وإنَّ البلهارسيا تنتقل إلى الماء – عند التَّبوُّل فيه – وبعد أن تتطوَّر في الماء تنتقل إلى من يستحم أو يشرب منه، أمَّا الإنكلستوما فإنَّها تخرج مع البُراز وتعيش في الطِّين قُرْب الشَّاطئ إلى أن تصل إلى جسم السَّليم. وقد أصبح معلومًا أنَّ من أهم أسباب حِرْص الطِّب على النَّظافة هو مَنْع توالد – أو تكاثر – الحشرات النَّاقلة لميكروبات الأمراض؛ كالذباب، والصرصار، والبرغوث، والقَمْل، والنَّاموس، أوِ البعوض؛ وكذلك منع الإنسان من نقل الميكروبات في بيته أو أدوات الطعام من المريض إلى السليم.
من مقالات الباحث عبد الدائم كحيل