يقول الله سبحانه وتعالى: ” هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ” سورة الإِنْسان 1 – 2.
ويقول سبحانه ” وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ” سورة المؤمنون 78. إن الأصوات تأتي إلينا بتموجات الهواء، وإن هذه التموجات منها الشديد ومنها الضعيف، ومنها ما يأتي عموديا، ومنها ما يأتي جانبيا، فخلق الله تعالى “صيوان الأذن” وجعله غضروفيا بين العظم واللحم، وجعل فيه ليتلقا أمواج الصوت ويعكسها من طية الى لية ويوصلها الى “الصماخ”. وعلم سبحانه بأن الرياح التي تحمل الصوت من الممكن أن تكون عنيفة، وقد تحمل معها مؤذيات مثل غبار وحشرات فجعل سبحانه “الصماخ” متقوسا نحو الأعلى وجعل في فمه سياجا من الشعر، وفي باطنه الشمع؛ ليلتقي صدمة الرياح بانحرافه، وبالشعر والشمع المؤذيات، فلا تصل إلى غشاء الطبلة الرقيق. وعلم سبحانه أن بعض الأصوات قد تكون ضعيفة فجعل من “الصماخ” بشكله الكهفي المملوء بالهواء وسيلة لمضاعفة الصوت على النحو الذي نسمعه في الحمامات والكهوف من ضجة الصوت الضعيف يرجع الصدى، وعلم سبحانه أن الغشاء المتوتر كالطبل هو أفضل الأجسام الصلبة في توصيل الصوت، فخلق “غشاء الطبلة” و”غشاء الكوة البيضية” والأغشية الأخرى في الأذن الداخلية. وعلم أن سلسلة العظيمات قد تصاب بما يعطل عملها في نقل الصوت من غشاء الطبلة إلى غشاء الكوة البيضية؛ فخلق “الكوة المستديرة” وغطاها بغشاء يساعد على إيصال الصوت إلى الأذن الداخلية، وجعل لكل كوة من الكوتين طريقا في داخل “القوقعة”. فسبحان الله الحكيم العليم القدير الذي خلق كل هذه الأسرار والطبائع والنواميس التي لم يعرفها العلماء إلى بعد آلاف السنين من خلق الإنسان.