سنريهم آياتنا في الآفاق.. مرحلة نشأة الإنسان

سنريهم آياتنا في الآفاق.. مرحلة نشأة الإنسان

يقول علماء الإعجاز: إن مرحلة النشأة ” خَلْقًا آخَرَ ” المؤمنون: 14، التي وردتْ في أواخر الآية، بعد مرحلة الكساء باللحم – تبدأ من الأسبوع التاسع؛ حيث تأخذ أحجام كلٍّ مِن الرأس والجسم والأطراف في التوازن والاعتدال، ويتحدَّد جنسُ الجنين بصفة نهائية، وفي الأسبوع الثاني عشر يتطوَّر بناءُ الهيكل العظْمي، ويظهر الشعر على الجلْد، ويزداد حجم الجنين، وتصبح الأعضاء والأجهزة مهيَّأة للقيام بوظائفها. وفي هذه المرحلة يتمُّ نَفْخُ الرُّوح، طبقًا لما دَلَّتْ عليه نصوص القرآن والسُّنَّة، وقد ورد في الحديث وصفٌ لتلك المراحل؛ قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أحدكم يُجْمَع خَلْقُه في بطن أمِّه أربعين يومًا، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يُرْسِل اللهُ المَلَكَ فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، بكتْب رزقِه، وأجَلِه، وعَمَلِه، وشقيٌّ أو سعيد” رواه البخاري ومسلم. وحين يكتمل خَلْقُ الإنسان، ويتهيَّأ للحياة بعد الشهر السادس، يَدخُل الجنينُ في فترة حضانة تتمُّ في الرَّحِمِ، ويوفِّر الرَّحِمُ الغذاءَ والبيئةَ الملائمةَ لنموِّ الجنين، وتستمرُّ هذه المرحلة إلى طوْر المخاض والولادة، حيث يبدأ طوْر المخاضِ بعد مرور تسعة أشهر قمرية، وينتهي بولادة الجنين، ويمثِّل هذا الطوْرُ مرحلةَ التخلِّي عن الجنين، ودفْعه خارجَ الجسمِ كما يُعبِّر عن ذلك علماء الإعجاز، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: ” ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ” عبس: 20. أي: سَهَّل للجنين طريقًا لتيسير ولادته يخرج منه، وإذا كان علماء الإعجاز في عصرنا هذا قد أوضحوا تلك الحقائق التي قرَّرها القرآنُ الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان؛ نظرًا لتوفُّر الإمكانات العلمية، والأجهزة الدقيقة المتقدِّمة، فإني أُورِد هنا أيضًا كلامَ العلَّامة ابن القيم رحمه الله، الذي أشار إلى كثير مما يُعلنه الأطباء اليوم، رغم افتقاره في ذلك الزمن إلى الأجهزة العلميَّة التي تُقَدِّم البراهين التجريبية؛ يقول رحمه الله: “إن الجنين ما دام في بطن أمِّه قبْل كماله واستحكامِه، فإن رطوباته وأغشيته تكون مانعةً له مِن السقوط، فإذا تمَّ وكمل ضَعُفَت تلك الرطوبات، وانتهكت الأغشية، واجتمَعَت تلك الرطوبات المزلقة فسقط الجنين”.

 

من مقالات الباحث عبد الدائم كحيل