أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن بدايةِ الخَلْقِ لمَّا جاءه أهل اليمن فَسأَلُوهُ وقالوا: “جِئناكَ لنَتَفَقَّهَ في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان”؟ فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: “كان اللهُ ولم يكن شيءٌ قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كُلَّ شيء” رواه البخاري. وفي رواية له: “كان الله ولم يكن شيءٌ غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض”. وأول شيء خلقه الله تعالى عرشه؛ كما جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا قال: “كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء”. فلما أراد سبحانه وتعالى تقدير كل شيء خلق القلم، وأمره بالكتابة؛ كما جاء في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، قال: ربّ وماذا أكتب؟ قال: اكْتُبْ مقاديرَ كُلِّ شيء حتى تقوم الساعة” رواه أبو داود والترمذي، ولفظه: “اكتب القدر، ما كانَ وما هو كائِنٌ إلى الأبد”. وجميع ما خلقه الله تعالى في السموات والأرض مما ينتفع به المكلفون فإنما خلقه الله سبحانه لأجلهم؛ كما قال عزَّ من قائل ” وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ” الجاثية: 13. وأما بداية البشرية فإنَّ الله تعالى لما أرادَ خَلْقَ أصْلِهم أَخْبَرَ ملائِكَتَهُ بذلك ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ” البقرة: 30، خلق آدم من طين كما جاء في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن، وهذا الطين كان قبضة قبضها الجبار جل وعلا من جميع الأرض كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: “إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدَمَ على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك، والسهل والحَزْنُ، والخبيث والطيب” رواه أبو داود.
من مقالات الباحث عبد الدائم كحيل