إن جسم البقرة يحوي 45 لتر من الدم، هذه الكمية تكون في دوران مستمر وسريع جداً وبشكل أساسي في الضرع، حيث يعتبر الدم بما يحمله من الأعشاب الممضوغة “الفرث” بمثابة المادة الأولية لصناعة اللبن. تأكل البقرة 100 لتر من الأعشاب في اليوم، وتقوم بعمليات مضغ تصل لأكثر من أربعين ألف مرة في اليوم!! وتعتبر البقرة بمثابة مصنع هائل ولكنه في حجم صغير جداً، حيث تنتج اللبن دون كلل أو ملل، فهي مصممة أساساً لهذه المهمة.. فأين هم علماء التطور من هذه الظاهرة العجيبة التي تستدعي التفكر!. تبدأ العملية بهضم قسم من الطعام “الأعشاب مثلاً” من خلال خلطه بالماء في المعدة الأولى حيث يتم تفكيك هذه الأعشاب بواسطة بكتريا المعدة وإعادتها إلى الفم لمزيد من المضغ، ثم من خلال المعدة الثانية تعيد مضغ الطعام كمرحلة ثانية ليصبح أنعم. وبعد ذلك ومن خلال المعدة الثالثة تضغط الطعام لإزالة الماء منه وتنقيته من المواد الضارة، وأخيراً ومن خلال المعدة الرابعة تنهي عملية المضغ حيث يذهب الطعام الممضوغ إلى الأمعاء الدقيقة والقسم الآخر يذهب إلى الضرع. إذاً الحقيقة العلمية تقول إن تشكل الحليب في ضرع البقر والأنعام عموماً، يتم في الضرع من خلال الدم المزود بنواتج الطعام المهضوم، ويخرج الحليب من بين هذا الدم، ومن بين ما يسمى الفرث “العشب الممضوغ في بطون البقر” بطريقة مذهلة تحير العقول. هذه الآلية الدقيقة لتشكل اللبن والتي لم تكتشف إلا في العصر الحديث أنبأ عنها القرآن في آية عظيمة هي عبرة لكل من يريد أن يعتبر ويتأمل قدرة الخالق عز وجل. قال تعالى “وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ” النحل: 66. وهنا لابد من أن نطرح الأسئلة: كيف علم النبي الكريم أن تشكل اللبن يحتاج أساساً للدم والفرث ومن دونهما لا يتشكل؟ وكيف علم أن اللبن يخرج من بين هذه المواد: الدم والفرث؟ إنه الله تعالى الذي أنزل القرآن، وأعطانا هذه الآية لنتأملها ونزداد يقيناً وعبرة وتسليماً للخالق عز وجل، ونزداد إيماناً بهذا الإله العظيم سبحانه وتعالى.