ورَدتْ آيتانِ في القرآن الكريم تتحدثان عن فرش الأرض؛ في قول الله تعالى ” الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ” البقرة: 22، وقوله تعالى ” وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ” الذاريات: 48. ويقول القرطبي معنًى جميلًا لقوله تعالى ” فِرَاشًا “؛ أي: وطاء يفترشونها ويستقرون عليها، ويضيف: أن ما ليس بفراش كالجبال والأوعار والبحار فهي من مصالح ما يفترش منها؛ لأن الجبال كالأوتاد، والبحار تركب إلى صالح سائر منافعها. ومن حكم المؤكد يَسبِقُ فرشَ الأرضِ تكوُّنُ كلٍّ مِن غلافها الصخري أولًا، ثم غلافها الجوي والمائي، والغلافُ الأول هو الأقدم في التكوين؛ فقد نشأ منذ قرابة 4000 مليون سنة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، أخذ الغلافان الأخيران يمارسان نشاطيهما في تفتيت سطح قشرة الأرض الصُّلبة؛ عن طريق وسائل التجوية الكيميائية والميكانيكية، وتكوَّن من جراء تلك العمليات الخارجية رواسبُ وصخور فتاتية من مثل الرمال والحصى والطين وصخورها من الأحجار الرملية، هذا بالإضافة إلى نشاط العمليات الداخلية من براكين وزلازل وخلافه. ومن ثم نشطت الدورةُ الجيولوجية بأجنحتها الثلاثة: من دورة الصخر، والدورة المائية، ودورة القارة العظمي، وقدمت الدورة الأولى منها مادة الرواسب والصخور التي فرشت الأرض؛ وذلك في أثناء التحول من الصهارة إلى الصخور النارية والرسوبية والمتحولة في دورة متكررة، وقد أسهمتْ عناصر الغلاف الجوي والمائي والحياتي في دورة الصخر السابقة وتشكيل سطح الأرض. وبناء على ما تقدم: فإن فرش الأرض يتمثَّل في تكوين غلافها الصخري أولًا، ثم تشكيل سطح الأرض وتضاريسها بفعل العمليات الخارجية، وبتأثير عملياتها الداخلية من البراكين وقوى الرفع.
ومع استمرار نمو الأرض، عبر فترة زمنية طويلة؛ تقدَّر بحوالي 4600 مليون سنة؛ أي: عبر عمر الأرض؛ حيث أخَذَتِ الأرضُ زُخرُفَها الذي نعهده اليوم، بجبالها العالية، وأخاديدها العميقة، وأنهارها السارحة، وسبلها المذلَّلة، وبحارها الواسعة، ودوابها المبثوثة، وغلافها الجوي المتزن.
من مقالات الباحث عبد الدائم كحيل