يبقى السؤال، ما القصد ب” اختلاف الليل والنهار؟ “، فمن المؤكد أنه لا يتعلّق بوجود الضوء من عدمه، لان الآية لم تقارن “بين” الليل والنهار، وإنما اختلاف الليل مع الليل والنهار مع النهار. يقول تفسير إبن كثير : “وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ” أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيراً، ويقصر الذي كان طويلاً، وكل ذلك تقدير العزيز العليم، ولهذا قال تعالى ” لأَيَـٰتٍ لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ ” أي العقول التامة الذكية، التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون، الذين قال الله فيهم ” وَكَأَيِّن مِّن ءَايَةٍ في ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ ” يوسف 105 ـ 106 ثم وصف تعالى أولي الألباب، فقال ” ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ “. ورد مصطلح اختلاف الليل والنهار في سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة الجاثية، وسورة يونس، وسورة المؤمنون، فهناك تركيز وتأكيد على هذا الخلق، وإذا أردنا التفكّر بهذا الخلق، علينا معرفة السبب المؤدي لاختلاف طول النهار والليل واختلاف حرارة الأيام خلال السنة. في حال عدم وجود اختلاف الليل والنهار، وبعيدا عن التقدم الحضاري في القرن الأخير، فستكون الحياة مملة بعض الشيء، كل يوم سيكون مثل سابقه، ولن تكون هناك فصول أربعة، ولن تكون هناك رياح تجارية “تصريف الرياح”، ولن تكون هناك هجرة للحيوانات والطيور، ولن تكون هناك مراعي، أو حتى القمح ” وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ “. ” فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ ” الأعلى 5، وستبقى حياة البشرية ضمن تجمعات محصورة في مدارات معينة دون أي دافع للتطور المعرفي، وقد تنتشر الحشرات والأوبئة، سيكون هناك غزارة للأمطار في مدارات معينة، مما سيؤدي إلى انجراف التربة وتصبح هذه المناطق غير صالحة للزراعة. سيعاني ويصارع البشر وكافة المخلوقات من أجل البقاء!.
من مقالات الباحث عبد الدائم كحيل