من آيات الله لهذا المكان كذلك أنه مذكور في كتب أهل الكتاب بوضوح. وقد تحدي القرآن بذلك في قوله تعالي: “..وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم..” البقرة:١٤٤ ، وقد توسطت هذه الآية فقرة طويلة عن تحويل القبلة، من أول قوله تعالى: “سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها..” ١٤٢. إذن الحق الذي يعلمه أهل الكتاب في الآية ١٤٤ من سورة البقرة هو تحويل القبلة إلي الكعبة. وقد أدرك العديد من العلماء أن هناك بالفعل في إنجيل يوحنا إشارة إلي ذلك وهي قول المسيح عيسي للمرأة السامرية أن مكان السجود لن يكون في القدس “أورشليم” وقد وجد في مخطوطات البحر الميت المكتشفة في منتصف القرن العشرين كلامًا يكاد يكون مباشرًا عن الكعبة. ففي إحدى مخطوطاتها “كتاب آدم وحواء” نقرأ الآتي:
يقول آدم لابنه شيث: إن الله سوف يدل الناس الأمناء علي المكان الذي يبنون فيه بيته “بيت الله”. وقد علق الكاتب “تشارلز” صاحب الكتاب الذي حوي الترجمة الإنجليزية لهذا الكتاب علق علي هذه الفقرة قائلا: عدم ذكر معبد أورشليم يدل علي أن هذا الكتاب كتب في مدينة غربية. واكتفاء الكتاب بقوله: المكان الذي اعتاد الصلاة فيه هو الذي تعلم المسلمون أن يبنوا عليه احترامهم للكعبة. أي أن هذا الكاتب رأى فعلاً هذا التشابه بين الكعبة في القرآن والفقرة المذكورة في كتاب آدم وحواء فادعي أن المسلمين “لابد أنه يقصد النبي عليه الصلاة والسلام” اقتبسوها. والحق أن هذا التشابه قائم بوضوح. يتبين ذلك في قوله تعالي: “وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت …” الحج:26. أي أن الله عز وجل بين لإبراهيم المكان الذي يبني فيه الكعبة. وهذا يكاد يتطابق مع الفقرة المذكورة في كتاب “آدم وحواء”.