لقد كان يكفي الإنسان نوعا واحدا من الطعام لكي يعيش كما هو الحال مع بقية الحيوانات ولكن الله عز وجل كرمه بأن وفر له آلاف الأنواع من الطعام التي يأكلها لا ليسد بها جوعه بل ليتلذذ بمذاقاتها التي لا حصر لها. فقد سخر الله عز وجل للإنسان عشرات الأنواع من الحبوب والبقوليات وعشرات الأنواع من الخضروات وعشرات الأنواع من الفواكه وفي كل نوع من هذه الأنواع عشرات الأصناف التي تتفاوت في مذاقها مصداقا لقوله تعالى “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ” 70 الإسراء. ولقد أكثر القرآن الكريم من ذكر الفواكه التي وفرها الله عز وجل للبشر على هذه الأرض وأكد على أنها من أفضل طعام أهل الجنة فقال عز من قائل “فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ” 19 المؤمنون والقائل سبحانه “وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ” 73 الزخرف.
إن ظاهرة نمو أشجار الفواكه وغيرها من النباتات من بذور صغيرة يكاد لا يرى بعضها بعد أن يتم غرسها في التراب وسقيها بالماء معجزة كبرى لمن يفكر فيها. فهذه البذور الصغيرة تنتج أشجارا مختلفة في شكل جذوعها وأوراقها وأزهارها وثمارها رغم أنها تسقى بنفس الماء وتزرع في نفس التراب. ولقد تمكن العلماء في هذا العصر من حل هذا اللغز حيث أن كل بذرة من هذه البذور تحتوي على برنامج تصنيع كامل مكتوب بطريقة رقمية على الشريط الوراثي DNA والذي يقوم بإعطاء أوامر تصنيع الشجرة الخاصة به بمجرد إعطاء إشارة البدء التي لا تصدر إلا إذا توفرت شروط الإنبات. إن هذا البرنامج يحدد جميع مواصفات الشجرة وخطوات تصنيعها وأوقات إزهارها وإثمارها ونوع المواد التي تمتصها من الأرض لتصنيع المواد العضوية المختلفة وصدق الله العظيم القائل “وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” 4 الرعد.
من مقالات عبد الدائم كحيل