قال جل وعلا “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ” النور: 43. المعاني اللغوية والتفسيرية:
“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا” جاء في معجم مقاييس اللغة: مادة “زجى”، والريح تُزجي السحاب: تسوقه سوقًا رفيقًا، وبمثله قال ابن منظور في لسان العرب، وقال الجوهري: “زجيت الشيء تَزْجِيَةً إذا دفَعته برِفقٍ”، وهذا ما فهِمه المفسرون من الآية، فقد قال ابن كثير: يذكر تعالى أنه يسوق السُّحب بقُدرته أول ما يُنشئها وهي ضعيفة، وهو الإزجاء. التفسير العلمي : هناك أنواع كثيرة من السُّحب، والقليل منها هو الممطر، وقد صنَّف علماء الأرصاد السُّحب إلى أنواع متعددة، تعتمد على ارتفاع قاعدتها وسمكها، وطريقة تكوينها, وأحد أنواع هذه السحب يسمى بالسحب الركامية، وهي الوحيدة التي قد تتطوَّر بإذن الله؛ لتصبح ما يسمى بالركام المُزني الذي يجود بالمطر الوفير, وهو النوع الوحيد الذي قد يُصاحبه البرد والبرق والرعد, ويتميز هذا النوع بسمك كبير، وقد يصل إلى أكثر من “15كم”، ويُشبه الجبال, وبتطوُّر علم الأرصاد الجوية واستخدام الأجهزة الحديثة – مثل: أجهزة الاستشعار عن بُعدٍ، والطائرات والرادارات، والأقمار الصناعية، وبمساعدة الحاسبات الإلكترونية – استطاع علماء الأرصاد دراسة تفاصيل دقيقة عن مكونات السُّحب وتطوُّرها، وما زال هناك الكثير أمام هذا الفرع من العلوم, والسحاب الركامي الذي تصف الآية الكريمة تكوينه، هو ضمن ما درسه علماء الأرصاد واهتموا به؛ من حيث: كيف يبدأ؟ وكيف يتطور؟ وما الظواهر الجوية المصاحبة له؟ وقد أجاب القرآن الكريم على كل هذه التساؤلات قبل 1400 عام بدقة مذهلة.
من مقالات الباحث عبد الدائم كحيل