قوى عالمية تحقد على الإسلام وأهله، زرعتْ هذا الكيان الغاصب في قلب الأمة، وحرصتْ على دعمه؛ لإضعافها، والحيلولة بينها وبين التوحُّد، واستنزاف مواردها، وإهدار ثرواتها. من هذه القراءة لمعطيات الواقع، ينشرح الصدر المؤمن بتَحَقُّق النصر المؤكَّد منَ الله تعالى “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” الحج: 40؛ يقول الطبري رحمه الله “إن الله لقويٌّ على نصر مَن جاهَدَ في سبيله، من أهل ولايته وطاعته، عزيز في مُلكه، يقول: منيع في سلطانه، لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب”، فإذا شهر المتخاذلون في وجوهنا موازين القوى المادية على الأرض، رَفَعْنا في وجوههم وعْد الله تعالى لنا بالنصر، وإذا تنادى الحلفاء عربًا وعجمًا علينا، نادت قلوبُنا: ربَّنا، إنَّا مغلوبون فانتصِر، الذي يرتاح له القلب المؤمن ويطمئن إليه: أنَّ نصْر الله قادمٌ لا شك فيه، وأن الله تعالى سينصر أولياءه بآيةٍ تصدم الأمة صدمة الإفاقة، لقد نَصَرَ الله تعالى رسولَه محمدًا صلى الله عليه وسلم والفئة المؤمنة، التي وجدت نفسها على غير استعداد في مواجهة قريش عند بدر. ويهتف النبي محمد صلى الله عليه وسلم لربه في ضراعة الضعيف والفقير، الذي ليس له إلا هو “اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَد فِي الأَرْضِ”، فأَنْجَزَ الله له وعده، وأيَّدَه بجنوده، وأنزل ملائكته وأعز أولياءه. ومن نصره صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب؟ عشرة آلاف مشرك من أرجاء الجزيرة، تواطأ معهم اليهود، ضربوا حصارًا خانقًا على المدينة، ووقف المسلمون وراء نبيِّهم صلى الله عليه وسلم من داخل الخندق؛ يعلنون حقيقة إيمانهم، فنصرهم الله بجنده، وهَزَمَ الأحزاب وحده، وكفاهم القتال، “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا” الأحزاب: 9. التدخُّل الإلهي المباشر، أو الحسم الإلهي له شُرُوط، لا بدَّ من توافرها لتحقيقه، نعتقد أن منها: القيام الخالص لنصرة الله عز وجل. الثبات على الإيمان.البراءة والتجرُّد من كل سلطان، والاستسلام لسلطان الله الواحد الأحد. بذل غاية الجهد، والقيام بكامل الطاقة. الافتقار إلى الله، والضَّراعة إليه، والاستعانة به وحده، والاستنصار به دون سواه، بعد افتقاد المُعين والنصير.
من موقع شبكة الألوكة الإسلامي