فنانة تشكيلية تقدم تحفًا فنية، تختزل فيها التراث العربي الإسلامي على قطع من حرير، إنها الرسامة الجزائرية سليمة عيادي، التي تبدع على مساحات ناعمة بشكل مدهش، بعد أن أسرها تراث الحضارة الإسلامية العريق؛ فكلما تغوص بخطوات إلى العمق، يزداد تدفق إبداعها الذي توجهه للمرأة على وجه الخصوص، ولكل من يتذوق الفن التشكيلي الراقي بوجه عام؛ فانجذبت لإبداعها شخصيات شهيرة، ولم تتردد في اقتناء ما تقوم بتشكيله من سحر وإبداع.
سليمة عيادي تعرض مجموعة من أعمالها الفنية ولوحاتها بالمتحف العمومي الوطني للآثار القديمة، تحت عنوان “الرسم المعاصر يحاكي عراقة التراث الثقافي الجزائري”.
وميّز اللوحات التي تعرضها الفنانة عيادي، وجود كبير للطبيعة وللرسومات الموجودة على الأوشحة في إشارة لعشقها للحرير، وتضمن الجزء الآخر من المعرض مجموعة أنيقة من الأوشحة والمناديل الكبيرة التي تحمل رسومات وأشكالا متنوعة وجميلة زادتها ألوانها المزركشة رونقا وبهاء لتغدو تحفا جميلة تبهر العيون.
وعن كل هذا الحضور للطبيعة والأزهار، قالت الفنانة: “ذلك نابع من حبها منذ الصغر للطبيعة”، وأضافت: “الطلبات التي كانت تتلقاها من المؤسسات الرسمية لإنجاز تحف تقدم كهدايا لكبار الزوار جعلتني أهتم بالتراث الجزائري وأجسده في أعمالي”.
وفي حديثها عن فن الرسم على الحرير لفتت إلى الصعوبات الموجودة في انجاز هذا العمل خاصة ما يتعلق بمواد العمل على غرار الحرير الأصلي وأيضا نوعية الدهانات المستعملة في الرسم على مادة الحرير، وهي مادة صعبة تستوجب الدقة واستعمال مواد أخرى لمنع ألوان من التحلل.
وللحفاظ على هذا الفن الراقي، أكدت سامية عيادي على ضرورة تكوين أجيال جديدة تمارس وتحافظ على هذه الطريقة في الرسم وأنها تفكر في فتح فضاء للتكوين.
ويمكن لزوار هذا المعرض الذي جمع بين الأعمال التشكيلية والرسومات على الحرير ويتواصل إلى غاية 13 فيفري المقبل، اكتشاف الأعمال المعروضة والتمتع بإبداعات هذه الفنانة التي تمتد مسيرتها لأكثر من أربعين سنة خصصتها لهذا الفن والبحث في التراث الجزائري.
موهبة سليمة عيادي في الرسم، دفعت بها إلى التخصص الأكاديمي، حيث التحقت بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، وتعد المدرسة الوحيدة التي تخرج فنانين تشكيليين، ولم تشرع عيادي في الرسم بالألوان المائية على الحرير، إلا بعد مرض ابنها بالحساسية؛ فاتجهت نحو انتقاء مساحات حريرية لتلبسها تحفًا مثيرة، ووقع اختيارها على الرسم مستلهمة الكثير من الفن الإسلامي والخط العربي، الذي أسرها ولم تتمكن طيلة 32 عامًا من التخلي عنه أو استبداله.
وتتدفق على الفنانة العديد من الطلبيات من شركات ومؤسسات رسمية رفيعة، من أجل تقديمها كهدايا للأجانب؛ لأنها تحمل الكثير من روح الحضارة الإسلامية ولا تخلو من التقاليد الجزائرية، وتتذكر أنها من قامت بتحضير هدية لزوجة الرئيس الفرنسي السابق «جاك شيراك»، ولدى إقامتها معرضًا بالمغرب، أقبلت أميرة على اقتناء إبداعاتها، وتتقاطع في فنها متعة الإبداع ومحاولة إحياء التراث العربي الإسلامي، واختارت لهذا الفن شعارًا حملته باستمرار، وتمثل في «طريق الحرير»؛ لأنها تدرك أن الحرير جاء لأول مرة من الصين إلى العرب، ثم انتشر بعد ذلك نحو أوروبا وأمريكا.
ب/ص