سلوك المؤمن

سلوك المؤمن

 

لقد اهتمَّ الإسلام اهتمامًا بالغًا بمسألةِ الأخلاق والسلوك، وجعل السلوكَ الحسن والأخلاق الفاضلة ثمرةً للإيمان بالله تعالى، كما أنَّ الوحي بنوعيه شكَّل وسيلةً أساسيةً لتهذيب النفوس وإصلاحها، فمِن مقاصد القرآن الكريم هدايةُ الخلق إلى طريق الحق. فما أثر الإيمان في سلوك الإنسان؟ وأنَّى يتجلَّى أثر الوحي في سلوك المؤمن؟

إنَّ جمال السُّلوك دليل على صدق الإيمان وقوَّته، كما أنَّ قبح السلوك وانحراف الأخلاق دليلٌ على ضعف الإيمان أو انعدامه؛ فالعلاقة بين السلوك والإيمان علاقةٌ قويَّة ومتلازمة، لا يكمل إيمان المرء إلا بصلاح أخلاقه وحسن علاقته مع الآخَر، وقول المعروف وبذل الخير، ومما يوضِّح هذا الأمر ورود الأحاديث النبويَّة الجامعة بين الإيمان والسلوك؛ حيث قَرَن الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة بينهما. عن أبي شريح الكعبي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن!”، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟! قال: “الجار لا يأمن جاره بوائقَه”، قالوا: يا رسول الله، وما بوائقه؟ قال: “شرُّه” رواه أحمد.

لقد ورد في الحديث النبويِّ الشريف نفيُ الإيمان صراحةً عن الذي ألحق الأذى والشرَّ بجاره؛ فائتمان الجار على جاره من مستلزمات الإيمان بالله، فلا يكمل إيمان المؤمن إلا بصلاحه مع جاره. وهكذا أرسى الإسلام دعائم الأخوَّة والسلم بين أفراد المجتمع، انطلاقًا من علاقة الجار بجاره، إلى تأسيس مجتمعٍ متكامل تسُوده الأخلاقُ الفاضلة، ويستمسك أفرادُه بمبادئ السُّلوك القويم. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت” رواه البخاري.

إنَّ للإيمان أثرًا إيجابيًّا في سلوك الإنسان خاصة، وحياته بصفة عامة، ينعكس عليه إيجابًا بالصلاح والاستقامة ومحبة الخير لكلِّ الناس، واجتناب الموبقات والغوائل التي ليست من شِيَم المؤمن الصادق بربِّه. كما أنَّ الكلمة الطيبة، والصِّدق في الأقوال والأفعال، وتحسين العلاقات بين الأفراد في المجتمع، واجتناب التباغض والتحاسد والشنآن كلُّ ذلك يسهم في تأسيس مجتمع متآلفٍ ومتسامح؛ حيث جعل الله كظم الغيظ والعفو عن الناس أثرًا من آثار الإيمان الطيبةِ على سلوك المؤمن.