سلوكيات الأطفال “ذات المنشأ الحسي”.. التشخيص والعلاج

سلوكيات الأطفال “ذات المنشأ الحسي”.. التشخيص والعلاج

تعتبر الكثير من السلوكيات التي تظهر بأشكال متعددة لدى الأطفال ذات منشأ حسي وليس سلوكيا، وبالتالي تختلف طريقة التعامل مع هذا السلوك أو ذاك بما يتوافق مع تحليل منشئه الحسي أو السلوكي، وعليه فقد يفسر سلوك طفل يرفض الطعام على أنه “طفل عنيد” من وجهة النظر السلوكية، بينما تفسره النظرية الحسية على أنه تحسس من ملمس أو مذاق أو رائحة بعض الأطعمة، وفي كلتا الحالتين (حسي أو سلوكي) يختلف التدخل العلاجي حسب منشأ السلوك.

 

أنواع المشكلات الحسية

تنتشر المشكلات الحسية في مجتمعات العالم حسب النسب التالية:

بين كل الأطفال بنسبة 12 في المائة – 30 في المائة

– بين الذكور بنسبة 80 في المائة

– بنسبة 70 في المائة بين الأطفال المصابين بمشكلات صعوبات تعلم وهم:

– أطفال التوحد

– الأطفال الذين يعانون من فرط في النشاط الحركي وقلة في الانتباه

– الأطفال الذين يعانون من القلق

– الأطفال الذين حصلت لهم أذية في الرأس

– الأطفال الخدج

وتنقسم المشكلات الحسية، التي قد تحدث نتيجة خلل في وظائف الدماغ، إلى 3 أقسام:

– مشكلات المعالجة الحسية: وهي المتعلقة بطريقة استجابة الطفل للمثير الحسي.

– مشكلات التمييز الحسي: وهي المتعلقة بتفسير المثيرات الحسية.

– مشكلات التخطيط الحركي: وهي قد تكون ناتجة عن خلل في فكرة وتسلسل الحركة أو تنفيذها وهي محصلة للمشكلتين السابقتين.

 

سلوكيات “حسية”

وهي مشكلات تظهر على شكل استجابات أو سلوكيات غير طبيعية للمثيرات الحسية، تتلخص هذه الاستجابات في 4 مظاهر:

– أولا: الطفل قليل التسجيل للمثيرات الحسية، وهو طفل يبدو عليه الخمول وقلة الحركة ويكون كثير السرحان ويبدو متمحورا حول نفسه أكثر، وبالتالي فهو قليل المبادرة، ومن الأمثلة للسلوكيات التي تصدر من الطفل قليل التسجيل للمثيرات الحسية، منها: أنه لا يشعر بوجود أشخاص حوله، ولا يرد عند مناداته، ولا يلتفت عند التحدث معه، ويكون إحساسه بالألم قليلا، ويلاحظ أنه يتحمل المذاقات اللاذعة.

* ثانيا: الطفل الباحث الحسي: وهو طفل ذو نشاط زائد ولكنه كثير التشتت بما يبحث عنه من مثيرات حسية ويتميز بأنه طفل ملول ولا يكمل مهماته. ومن أمثلة السلوكيات التي تصدر من الطفل الباحث الحسي، منها:

أنه يميل إلى فتح القوارير بشكل خاص، وأنه أيضا يميل إلى تحسس السجاد أو الشعر أو يبحث عن الأسطح الخشنة الباردة أو المرتجة كالغسالة، ويلاحظ أنه يدور حول نفسه أو يركض بشكل مستمر.

* ثالثا: الطفل الحساس: وهو طفل يتخوف من المثيرات الحسية الجديدة أو المفاجئة، لذلك فهو طفل قلق وخائف، خصوصا أنه لا يعرف كيف يحمي نفسه مما يهدده من المثيرات، وعليه فهو يفضل البقاء في البيئات الخالية من المثيرات الحسية. ومن أمثلة سلوكيات الطفل الحساس، أنه تبدو عليه ملامح الانزعاج سريعا من الأصوات، كصوت المكنسة الكهربائية أو آلة تجفيف الهواء مثلا، ويلاحظ أنه يبكي عند قص أظافره أو الذهاب للحلاق خلافا لأمثاله ممن هم في نفس عمره.

* رابعا: الطفل المتجنب الحسي: وهو أيضا طفل حساس للمثيرات الحسية، ولكنه أكثر جرأة من الطفل الحساس، كونه يستطيع تجنب ما يقلقه من مثيرات حسية. ومن أمثلة السلوكيات التي تصدر من الطفل المتجنب الحسي، منها: أنه يغطي أذنيه من الأصوات العالية كصوت الخلاط أو المكنسة الكهربائية، وأنه يرفض تناول بعض الأطعمة التي يفترض أنها مقبولة من أطفال في مرحلته العمرية، ويلاحظ أنه طفل خامل ويتجنب الحركة.

 

مشكلات التميز الحسي

مشكلة التميز الحسي هي “عملية” تحدث على مستوى كل الحواس، وتحدد مصدر المثير الحسي وشدته وموقعه وتكراره. وفي حال وجود مشكلات في هذه العملية عند شخص ما، فإنه قد يعيش في عالم آخر يكون مشوشا وغير واضح مما يؤثر على القدرات التعليمية لديه.

ومن أهم الأعراض الواضحة لدى من يعانون من هذه المشكلة ما يلي:

* حاسة اللمس، عدم القدرة على تمييز ما في اليد دون النظر إليه – عدم القدرة على وصف الخصائص الفيزيائية للشيء باللمس دون النظر إليه – عدم القدرة على إيجاد شيء في الحقيبة مثلا دون النظر إليه – عدم تمييز موقع المكان الذي تم لمسك فيه وطبيعة الشيء الذي لمسك.

* حاسة التذوق واللمس في الفم، عدم القدرة على معرفة درجة حرارة أو نوع أو وصف قوام ومذاق ما يتم تناوله في الفم.

* حاسة الشم، عدم القدرة على وصف أو معرفة نوع ومصدر الروائح خاصة الروائح المهمة كاحتراق شيء ما.

* حاسة السمع، عدم القدرة على وصف أو تحديد مصدر الصوت.

* حاسة النظر، صعوبة النظر للصورة ككل بل يركز على التفاصيل – صعوبة في تمييز ألوان وأشكال الأشياء – صعوبة في تتبع خريطة أو إشارات الطرق أو صف السيارة – صعوبة في إدراك العمق – صعوبة في معرفة شيء مغطى جزئيا – صعوبة في تمييز أي الأشياء المرئية المهمة والمتوجب الانتباه لها – صعوبة التمييز بين اليسار واليمين – صعوبة التمييز بين بعض الحروف المتشابهة (ح – خ – ع) – مشكلات في الكتابة مثل الالتزام بالكتابة على الخط.

* حاسة التوازن، صعوبة تمييز وضع الجسم أو الرأس في الفراغ مما ينتج عدم معرفة الوضعية للجسم أقف أم أجلس أو رأسي للأسفل أو التغير في الاتجاه أو السرعة أثناء الحركة دون النظر حولي أو لنفسيهما يؤدي مثلا إلى الوقوع عن الكرسي أثناء الجلوس.

* حاسة الإحساس بالعضلات والمفاصل، عدم القدرة على تمييز مقدار القوة اللازمة أثناء التعامل مع الأشياء، مثلا عند الكتابة بالقلم أو عند كسر بيضة أو عند حمل الأشياء أو عند إغلاق وفتح الأبواب.

 

التشخيص والعلاج

تتمحور الاستراتيجيات العلاجية حول استخدام المثير المهدد للطفل كأداة أساسية للعلاج، ولكن بأسلوبين مختلفين، بحيث نقدم الاستراتيجية العلاجية للمثير المهدد للطفل بالتدريج وبمبادرة من الطفل وببطء، فمثلا إذا تحسس الطفل من الرمل فإننا نبدأ بتقديمه بصورة ترغيبية بحيث نضع لعبة يرغبها الطفل في علبة الرمل حتى يبادر هو بلمس الرمل وإخراج اللعبة.

أما بالنسبة للمثير المرغوب بالنسبة للطفل فإننا نقدمه إليه بشكل روتيني ومتنوع ولا نراعي التدرج، بحيث يستطيع الطفل إشباع رغبته الحسية. فمثلا الطفل الذي يرغب رغبة عارمة في تلمس الأشياء كالرمل والكريمات وغيرها من الملامس الحسية، نقدم له هذه المواد بشكل روتيني مكثف وهادف، أي ممكن نجعله يتعلم الأشكال بالرمل بدلا من القلم والورقة أو بألوان الأصابع أو بالصلصال، وذلك بشكل روتيني متكرر.

ق. م