إن مِن النعيم المعجَّل للعبد المؤمن في هذه الدنيا، والمؤجَّل المقام له في الآخرة؛ أي: جنة الدنيا ولذة الآخرة أن يُرزَق نعمة سلامة الصدر وصلاح الأمر على كل مَن عاش معه، أو خالطه، بل على كل أحد! فقلبه أبيض مِن ثوبه، وصدره أرقُّ مِن صوته، وخُلُقه أجمل مِن شكله، يرى أن لكل مسلم عليه حقًّا، أما هو فليس له حق على أحد، ولذا فحياته طيِّبة مطمئنة! سلَّمه الله من الأدواء والأدران والأورام التي تنبت في القلب؛ كالغلِّ والحقد، والبُغض والعُجب، والكِبر والحسد.
قال الأستاذ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه خلق المسلم: “ليس أروح للمرء، ولا أطرد لهُمومه، ولا أقرَّ لعينه من أن يعيش سليمَ القلب، مبرَّأً مِن وساوس الضَّغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمةً تَنساق إلى أحد رضي بها، وأحس فضل الله فيها وفقر عباده إليها، وذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد مِن خَلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر”، وإذا رأى أذًى يلحق أحدًا مِن خلق الله، رثى له، ورجا الله أن يفرِّج كربه ويغفر ذنبه.
يحيا المسلم ناصع الصفحة، راضيًا عن الله وعن الحياة، مُستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى، ونظرة الإسلام إلى القلب خطيرة، فالقلب الأسود يُفسد الأعمال الصالحة، ويَطمس بهجتها، ويُعكِّر صفوها، أما القلب المشرق، فإن الله يُبارك في قليله، وهو إليه بكل خير أسرع؛ عن عبد الله بن عمرو، قيل: يا رسول الله، أيُّ الناس أفضل؟ قال: “كل مخموم القلب صدوق اللسان”، قيل: “صدوق اللسان” نعرفه، فما “مخموم القلب”؟ قال: “هو التقي النقيُّ، لا إثم فيه ولا بغي ولا غلَّ ولا حسَد”. رواه ابن ماجه.
سلامة الصدر، ونقاء السريرة، وصفاء النفس: من الأمور الدالة على الإيمان والطمأنينة واليقين، ومِن دَوافع العمل الصالح، ومِن موجبات الأجر والثواب، وهي صفات تقرِّب صاحبها من الأعمال التي تَفتح له أبواب الخير، وتُورده مسالك الطريق إلى الجنة، وتساعده على تقويم نفسه وإصلاح ذات البَين.