ما تزال مصالح بلدية الدار البيضاء بشرق العاصمة تواجه مشاكل الغزو السكاني للفضاءات العقارية، دون أي مراعاة للمحيط العمراني الذي يستدعي دراسات مسبقة تحفظ حياتهم وتحميهم من المخاطر، التي من الممكن
أن تحدق بهم مسبقا سيما بالنسبة لأولئك الذين لم يجدوا أي حرج في تشييد منازلهم تحت خيوط الكهرباء ذات الضغط المتوسط، ولم تستطع البلدية التي لا تتوفر على الموارد البشرية الكافية والمؤهلة لمراقبة هذا الخرق الصارخ للمحيط العمراني السيطرة على الوضع، رغم التحذيرات التي لا تكف عن اطلاقها لمنع هؤلاء من الاعتداء على المساحات التي تكون في الغالب خارج المخطط السكني.
وحسب الخبراء، فإن هذا الوضع الذي لا يقتصر فقط على بلدية الدار البيضاء مرشح للتأزم أكثر، خاصة وأن الأمر راجع أساسا إلى عجز المصالح التقنية المحلية عن مراقبة عملية التعمير والبناء بالبلديات، بسبب نقص الموارد البشرية، وغياب التكوين ورسكلة الإطارات العاملة في الميدان لتحيين معلوماتها مع القوانين والمستجدات الجديدة في القطاع، إلى جانب غياب وسائل العمل، وعلى رأسها وسائل النقل. وفي ظل هذه الوضعية لا يمكن فرض القوانين المنظمة للقطاع، وبالتالي تبقى المناورات والتجاوزات مستمرة، مثلما تثبته التجربة في الميدان كما هو الشأن بالنسبة لهذه البلدية التي تشكلت بها أحياء صعُب التحكّم فيها تقنيا وإداريا، حيث بقيت لأعوام طويلة خارج المحيط العمراني، ولم تستفد من مشاريع الشبكات التحتية والتهيئة إلاّ في الأعوام الأخيرة، حيث شُيّدت على أراض فلاحية خصبة، مثلما هو الحال بحي الحميز، الذي تعادل كثافته السكانية كثافة بلدية صغيرة، ووجدت مصالح البناء والتعمير تعقيدات وصعوبات جمة في مراقبة الإطار المبنيّ، وفرض أدنى المعايير الفنية، وأكبرها تطبيق قانون قواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها 15/08، الذي وجدت فيه المصالح التقنية صعوبة كبيرة رغم تمديده للمرة الثانية.
واقترح الخبراء في إطار تنامي هذه الظاهرة العمل على تفعيل أداء مكاتب الدراسات وتكليفها بالقيام بالرقابة، خاصة في الفترة الليلية، وتعهد إليها تقديم تقاريرها للمصالح التقنية، ليتم بعدها أخذ الإجراءات اللازمة في وقتها قبل أن تتفاقم المشاكل وتتعقد الوضعية.