سعادة السفير المصري بالجزائر، عمر أبو عيش، في حوار خاص لـ”الموعد اليومي”: لن نسمح لأي كائن بزعزعة أمن واستقرار مصر… العمليات الإرهابية في مصر محصورة في نطاق ضيق لا يتعدى 40 كلم مربع

elmaouid

دول إقليمية مسؤولة عن تهريب و زرع المقاتلين الأجانب في المنطقة لتهديد الأمن القومي لمصر، الجزائر وتونس

أكد سعادة السفير المصري بالجزائر، عمر أبو عيش، أن مصر مستهدفة من كل الجهات، جماعات أو دول بعينها، تريد تكسيرها بمحاولات بائسة للنيل من استقرارها وأمنها، مشيرا أن هذه الجهات أو الدول حاولت كثيرا

بث الفتنة بين فئات الشعب المصري،  لاسيما بعدما نجحت في هذا الشأن في عدد من الدول الأخرى، ولكن الحمد لله مصر لا توجد بها أي طوائف وأنه نسيج الوطن بفئتيه من المسلمين والمسيحيين كان من القوة بحيث لا يسمح بحدوث ذلك.

 

قال السفير المصري بالجزائر في حوار خص به “الموعد اليومي” بأن أولى محاولات بث الفتنة وزرع مبادئ الطائفية في تاريخ مصر الحديث كانت بمعرفة المستعمر البريطاني 1919 وجوبهت بعاصفة وبثورة شعبية عارمة رفضت هذا التوجه وفرضت عليه أن يقبل بالمفاوضات برئاسة الزعيم سعد زغلول، منبها إلى أن بذور الطائفية قائمة في وطننا العربي منذ فترة طويلة، وتلجأ عدة دول خارجية لاستخدامها لاسيما مع التطور الكبير الذي شهدته الأحداث وتسارع موجات الإرهاب الدولي، حيث أصبحت هناك جماعات تستخدم من قبل أجهزة مخابرات دولية بعينها تحت مفاهيم عفا عنها الزمن، مفاهيم متخلفة يرسخون بها فكرا تحريضيا وتكفيريا قائما على الكراهية ورفض الآخر، مستخدمين في ذلك لغة واحدة فقط تقوم على القتل والإقصاء.

 

العمليات الإرهابية في مصر محصورة في نطاق 40 كلم مربع

وأوضح السفير بأنه من المؤسف أن نجد اليوم هذه الجماعات تنتشر ليس في دول معينة أو منطقة بذاتها، بل أصبحت موجودة في جميع دول العالم، شأنها شأن أي فيروس ينتشر بسرعة كبيرة. وهنا شدد المتحدث على أنه يجب أن نكون دقيقين في التعامل مع الأحداث الجارية ووصفها بالدقة اللازمة؛ فوقوع حادث إرهابى لا يعني انتشار الإرهاب في ربوع الدولة، لأن العمليات الإجرامية التي وقعت خلال الآونة الأخيرة محصورة في نطاق جغرافى لا تتعدى مساحته 40 كلم مربع في منطقة  الحدود مع  قطاع غزة شمال شرق سيناء، ونتيجة الوضع المتردي في ليبيا والفوضى العارمة التي ألمت بهذا البلد، هناك محاولات كثيرة لتهريب الأسلحة وتسلل لعدد من الجماعات التكفيرية التي يتم رصدها والتعامل  معها.

كما أوضح المتحدث بأن مصر في الكثير من المناسبات، أعلنت صراحة بأنها لن تترك أي جماعة تحاول أن تمس بأمنها سواء داخليا أو خارجيا  على اعتبار أن لديها مبدأ أساسيا ورئيسيا وهو “الضرب بيد من حديد على جميع القوى المتطرفة التي تريد النيل من مصر”، خصوصا وأن المجتمع الدولي يدعم مصر في مكافحة الإرهاب الذي تقوم به نيابة عن كثير من الدول كان ينبغي أن تكون في طليعة من يقوم بإجراءات لمكافحة هذه الآفة.

وفي هذا السياق، شدد المتحدث بأن الكل يعلم أن الإرهاب ليس ظاهرة عسكرية مسلحة تقوم بها جماعات  بل هناك أيضا جهات مسؤولة عن بث الأفكار المتطرفة في نفوس هؤلاء الإرهابيين من خلال تجنيدهم  وإعادة تشكيل وعيهم، وهناك أطراف ودول داعمة للإرهاب من خلال توفير الملاذ الآمن وإقامة معسكرات تدريبية وشراء الأسلحة وتهريبها فضلا عن توفير سيارات الدفع الرباعي التي يستخدمونها دائما عبر دروب الصحراء. وكلنا نعلم أن دولة قطر إحدى الدول التي تقوم بتمويل الإرهاب وهي مسؤولة مباشرة وهذا الكلام -يؤكد محدثنا-  تم قوله مرارا وتكرارا بعدما فاض الكيل، خصوصا بعدما تخطت هذه الدولة كل الحدود والأعراف وكل ما تقوم به في دعمها للجماعات الإرهابية بهذا الشكل العنيف ليس فقط مع مصر ولكن أيضا مع شركائها من دول مجلس التعاون الخليجي.

 

قطر من أهم الدول التي تقوم بتمويل الإرهاب

وشدد سفير مصر بالجزائر، عمر أبو عيش، بأن قطر من أهم الدول التي تقوم بتمويل الإرهاب بدليل أن رموز الجماعات الإرهابية تقيم عندها  وهي الدولة الوحيدة التي لم تحدث فيها حادثة إرهابية (وهذا ليس دليلا على كفاءة أجهزتها الأمنية هناك..) وأكبر دليل على تعاملها مع الجماعات الإرهابية هو التحريض عبر الدعاية الإعلامية البغيضة والتي تسمى “قناة الجزيرة” التي كانت تقوم بإذاعة وبث  فيديوهات لحوادث إرهابية قبل حتى الإعلان عنها، كأنهم على علم واتصال كامل ودائم مع الجماعات الارهابية وبالتالي كل هذا يجب أن يوضع حد له.

واستشهد السفير المصري بتراجع العمليات الإرهابية والدور السلبي لبعض التنظيمات الموجودة في ليبيا بعد تقويض أعمال التمويل الذي اضطلعت بها قطر لصالح هذه التنظيمات.

ويصر سفير مصر بالجزائر، في سياق حديثه عن الإرهاب والتطرف وما تقابله من دعاية إعلامية، بأن العالم كله تيقن وعلى علم بهذا الدور السلبي لقطر وغيرها من الدول ونحن كل يوم -يضيف-  نكشف في مصر هذه الحقيقة بعدما تم ضبط خلية تجسسية تضم 29 شخصا تستخدم تقنيات لتجاوز الاتصالات الدولية عبر خوادم خاصة تتيح لها تمرير المكالمات  الدولية كان الهدف منها بث الفوضى وعدم الاستقرار، ولهذا فهي تعاني اليوم من عزلة حقيقية من جانب شركائها في مجلس التعاون الخليجي لم يكن أحد  يتصور أن تقف موقفا مماثلا ضدها، ومع ذلك سوف يستمر الأمر على ما هو عليه إلى أن تفيء قطر إلى رشدها وتتراجع عن هذا السلوك البغيض، وأن يتم جبر ما تسببت فيه من أضرار كبيرة.

ويتعجب محدثنا من أطراف دولية تتعمد الحديث عن الدفاع عن حقوق الانسان لأفراد وجماعات إرهابية هدفها الرئيسي القتل والهدم. والغريب أنه في الوقت الذي يتم فيه اعتبار حادثة دهس بسيطة بأنها حادث إرهابي يتم التعامل بالمقابل مع الأحداث في مناطق أخرى على أساس أنها حوادث تتعلق بنزاعات مسلحة وخلافات سياسية  وليس إرهابا، هذا كيل بمكيالين يعكس حالة من اللامسؤولية يجب أن نتخطاها ونتعامل مع ظاهرة الإرهاب بشكل  ومحتوى حقيقي وموضوعي.

 

التطرف أصبح يستخدم لضرب استقرار الدول

كما يرى المتحدث بأن التطرف إن لم يجد من يدعمه ويغذيه ويوفر له الآليات التي تكفل بقاءه يستحيل أن يستمر. فالتطرف موجود على مدار التاريخ إلا أن التقدم الكبير في تكنولوجيا الاتصالات ساهم فى زيادة حدته وأضحى من أهم محاور عمليات التجنيد لأجيال جديدة من الشباب. اليوم “داعش”  يقوم بالتجنيد من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ولا يحتاج أن يكون له تواجد مباشر .

ونبه  المتحدث ذاته بأن هناك دولا أصبحت تستخدم التطرف لإحداث فرقة في دول معينة ونسف الوعي الاجتماعي والعمل على تأجيج المعارك الطائفية لضمان بقاء المنطقة في حالة مستمرة من عدم الاستقرار، وهو ما نراه اليوم حاضرا في كل من العراق وسوريا وهناك مساع حثيثة لجر مصر إلى هذا المعترك باعتبارها الجائزة الكبرى بالنسبة لهم،  على حد قول وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون في الفترة التي تلت عام 2011.

في الإطار نفسه كشف سفير مصر بالجزائر بأن هناك دولا إقليمية مسؤولة عن تهريب وزرع المقاتلين الأجانب في ليبيا، وهو ما من شأنه تهديد الأمن القومي لكل من مصر والجزائر وتونس، ولذلك يعد تنسيق المواقف والتعاون المستمر بين هذه الدول من أجل إيجاد حل سلمي للملف الليبي ومكافحة هذه التنظيمات المتطرفة، أمرا بالغ الأهمية،  مشددا في هذا السياق بالذات بأنه من المهم التعامل مع المقاتلين الأجانب العائدين إلى بلدانهم بطريقة جدية وواقعية لأنهم يشكلون “قنابل موقوتة”  ونحن نحاول أن نوعي الدول بخطورتها.

 

لماذا سيناء

تشير أحداث التاريخ أن مصدر الخطر الرئيسي على مصر جاء دائما من منطقة الشمال الشرقي وأن سيناء كانت المعبر الرئيسي لهذا الخطر. ويفسر ذلك حرص الإخوان المسلمين وتحديدا الرئيس الأسبق محمد مرسي على جلب عدد من المقاتلين التكفيريين وزرعهم في سيناء لتكوين نواة لمجابهة الجيش المصري بعد إزاحتهم من السلطة، وقد نجح الجيش المصري في التعامل معهم بعد مواجهات عديدة وتحييد دورهم إلى حد كبير لاسيما بعد اكتشاف عشرات الأنفاق التي أنشئت على طول الحدود مع قطاع غزة والتي كانت التنظيمات التكفيرية تستخدمها لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الجيش والشرطة.

ويعتقد المتحدث بأنه بالرجوع إلى عدد العمليات الإرهابية نجد أنها تراجعت كثيرا بعدما تم توجيه ضربات موجعة لما يسمى تنظيم بيت المقدس (الذين لم يفعلوا أي شىء لنصرة بيت المقدس) إلا أنهم ضربوا المسلمين بعدما بدأوا بضرب الأقباط ثم الجيش والشرطة فلم يجدوا سوى المسلمين العزل في دور العبادة.  وبالتالي هم بهذا الفعل الدنيء قد كشفوا عن أنفسهم ونواياهم الحقيقية وبرهنوا أمام المجتمع الدولي ككل، ضرورة التحرك على وجه السرعة والتوقف عن الكيل بمكيالين والتعامل بمنتهى الحزم والجدية لمواجهة هذا الفكر المتطرف.

وبالحديث عن الاعتداءات التي تطال دور العبادة، أكد السفير تعليقا على ما حدث بمسجد الروضة شمال سيناء، أن هذه القرية يوجد بها جامع كبير يجتمع فيه أهل القرية لتأدية صلاة الجمعة، وبالنسبة للإرهابيين كانت لهم فرصة سانحة للقيام بعملية يحاولون من خلالها إثبات وجودهم؛ فالعملية ليست كما صورها البعض على أنها تتعلق بخلاف بين طائفة صوفية وغيرها. ولهذا نتساءل: إذا كان هؤلاء الإرهابيون مسلمين أين كانوا هذا اليوم لماذا لم يصلوا الجمعة..؟   لماذا ارتكبوا جرمهم في وقت شعيرة دينية..؟ مارسوا هذا العمل الاجرامي مع أناس عزل في دور العبادة  في بيت الله، كل هذا يؤكد أنهم لم ينجحوا في مواجهة القوات النظامية في سيناء ولم يستطيعوا كسر اللحمة  الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وبالتالي جاءت مبادرة فضيلة الإمام الأكبر  شيخ الأزهر بأن يؤم بنفسه المصلين في الجمعة التالية في  المسجد ذاته بمثابة رسالة للإرهابيين بأن فعلهم لن يثني أهل سيناء عن  مواصلة الدعم لقوات الجيش والشرطة في مكافحة هؤلاء الشرذمة ولن يهدأ لنا بال حتى يتم تطهير كامل المنطقة منهم.

 

الغرب بدأ يعي مكافحة الإرهاب وأهمية مصر في الحرب على هذه الآفة 

                          

وفي  السياق، أكد سفير مصر بالجزائر، عمر أبو عيش،  بأن الغرب بدأ يعي مكافحة الإرهاب وأهمية دور مصر في الحرب على هذه الآفة،  ولهذا فهم مطالبون اليوم بتوفير الدعم الرئيسي المتمثل في المعلومات الاستخباراتية المطلوبة والتقنيات الحديثة التي يمكن استخدامها بمعرفة أجهزة الأمن والقوات المسلحة وقوات الشرطة لشن عمليات خاصة لدحر هذه الجماعات الإرهابية.

وذكر سفير مصر بالجزائر بالمناسبة بأن مصر تمت ترجمة رد الفعل هذا في تأييد مشروعي قرار لها في نيويورك واحد خاص بـ”الإرهاب وحقوق الإنسان” وآخر تم تمريره بجنيف حول “تأثير الأعمال الإرهابية على دور العبادة في عملية السلم”.