مليكة بن دودة تكتب عن أدرار:

سجل كنوزٌ نادرةٌ خبَّأها الأسلافُ لتتوارثها الأجيالُ

سجل كنوزٌ نادرةٌ خبَّأها الأسلافُ لتتوارثها الأجيالُ

“للزمن مَلمسٌ، ورائحةٌ، وصوتٌ” هو العنوان الذي اختارته السيدة مليكة بن دودة، وزيرة الثقافة والفنون وهي تكتب عن ولاية أدرار عبر حسابها على الفضاء الأزرق، الاثنين.

بدأت السيدة الوزيرة شاعرية ارهاصاتها بالقول: “في أدرار، وفي شساعة مداها الرملي، يظنُّ العابرُ العجولُ أن الذاكرة رمليةٌ مثل طلول الشعراء، تمحوها الريحُ ثم تكتبُها، فتُشعل الحنين والشوق.. في أدرار، الطلولُ جواهرُ لها خزائن وخبايا، تدعوك للإقامة والتخفُّف من أعباء المسير لتكتشفها”.

وتابعت متغزلة في أرض يبدو أن زيارتها الأخيرة لها تركت آثار عشق استثنائي فيها: “ليست سرًّا، أو تعويذةً، أو أحجيةً، أو غموضًا من خصال الصحراء، هي كنوزٌ نادرةٌ خبَّأها الأسلافُ لتتوارثها الأجيالُ. هي سجلٌّ للمعرفة، تاريخٌ موازٍ للتاريخ. هي سجلُّ أنسابنا وثقافتنا. تنحني عليها كحنوِّ الأم على وليدها، تلمسها بلُطفٍ، برِفقٍ، كي لا تُسبِّب لها ضررًا، لأن الزمن جعلها شفيفةً مثل أرواح خطَّاطيها ومُبدعيها وكأني أسمع جرَّ الريشة على الورق وأنا أقرأُ هذا السحر المعرفي في واحدةٍ من مخطوطات أدرار. أسمعُ أنفاسَ مؤلِّفها وصوتَ الحروف”. وأضافت في ذات السياق: “نعم، للزمن أصواتٌ أبديةٌ وهو يعبُر بنا، أصواتٌ خالدةٌ تحتاج للتمرُّن على الإنصات. قلتُ للصحراء: روحٌ وصوتٌ حين يكتب عليها الرملُ وهو يتدحرج على جسد الكثبان وأينما يمَّمتُ وجهي، أسمع موسيقى الأزمنة وأعثر على فصول من ذاكرتنا”.  وختمت قائلة: “هنا في أدرار، وهناك في خزائن بلدي، في كلِّ شبرٍ من جزائري أعثر على كنزٍ ينبغي صونُه وحفظُه، كما الحفاظ على أرواحنا… هي وصيةُ الأسلاف”. وكانت مليكة بن دودة قد أشارت إلى التحضير لملتقى وطني ضخم حول المخطوط، مشددة على أهمية رقمنته للحفاظ على الموروث الثقافي والعلمي العريق للجزائر. وأوضحت الوزيرة أن هذا الملتقى يجمع كل الخزائن على المستوى الوطني، لمناقشة قيمة المخطوط ورقمنته وترميمه. جاء ذلك خلال زيارة عمل وتفقد قامت بها الوزيرة إلى ولاية أدرار، بهدف الوقوف على جهود صيانة الموروث المادي واللامادي.

ويأتي هذا الملتقى برعاية وزارة الثقافة، بهدف توعية أصحاب الخزائن والمواطنين بقيمة ما يملكون من ثروة حضارية وعلمية. وأبرزت الوزيرة أن رقمنة المخطوط هي عملية أساسية وضرورية جدًا للحفاظ على الموروث، وإبراز القيمة الحضارية والثقافية لهذه الكتب النادرة والقيمة، داعية الى إظهار الموروث العلمي في الطب والمنطق والرياضيات وغيرها من العلوم الدقيقة والطبيعية، ليكتشف أبناؤنا هذا الموروث. وأكدت بن دودة أن المخطوطات المكتشفة، بما فيها كتب في المنطق، الطب، الفلك، والعلوم الدينية، هي دليل ساطع على أن الجزائر بخزائنها كانت بلدًا حضاريًا عريقًا جدًا ومنطقة علم وفكر. وشددت الوزيرة على تسريع عملية الرقمنة، بالنظر لقيمة المخطوط الثقافية العظيمة وإشراك أصحاب الخزائن وإقناعهم بفكرة التعاون على حفظه.

ب\ص