تعرف الجريمة الإلكترونية في الجزائر ارتفاعا مخيفا في معدلها، الأمر الذي جعل مصالح الأمن تدق ناقوس الخطر نظرا لاستفحال هذه الجريمة في المجتمع، بالرغم من أن الجزائر صارت من بين البلدان المعنية بالمشروع الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية، لأن التقارير الأخيرة كشفت أنها تتصدر المراتب الأولى فيما يتعلق بالقرصنة إفريقيا و عربيا، حيث وصلت النسبة إلى 85 بالمائة.
لم تصل حدة خطورة الجريمة الإلكترونية في السنوات الماضية إلى ما وصلت إليه في الآونة الأخيرة، حيث صارت كالإرهاب الصامت يوجه سهامه القاتلة إلى عدد من فئات المجتمع الجزائري، وهذا راجع إلى الاستعمال السيئ للشبكة العنكبوتية الذي يؤدي بدوره إلى ارتكاب جرائم إلكترونية، التي تدفع العديد من المتورطين إلى المساس بالحياة الشخصية للأفراد نتيجة أسباب عديدة ومختلفة، تجتمع في فكرة واحدة و هي الانتقام بالمنظور التكنولوجي الجديد لمرتكبي الجرائم الإلكترونية.
1622 جريمة إلكترونية أغلب مرتكبيها أطفال
تعكس الأرقام التي تحوزها مصالح الأمن تفشيا رهيبا لهذا النوع من الجرائم في مجتمعنا وتزايدا ملحوظا، حيث قدّم عميد الشرطة بشير سعيد رئيس المصلحة المركزية لمحاربة الجرائم المتعلقة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال أرقاما مضاعفة في كل عام بالنظر إلى السنوات السابقة.
ورجع العميد إلى إحصائيات عام 2013، حيث سجلت مصالح الأمن 91 قضية، لترتفع في العام 2014 إلى 246 جريمة، وسارت هذه القضايا على نفس الوتيرة لتصل في عام 2015 إلى حدود 567 قضية وتتضاعف بشكل كبير جدا في عام 2016 وتصل إلى 1055 قضية.
وناهزت قضايا الاحتيال 28 قضية وكذا المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات التي بلغت 31 قضية، بالإضافة إلى 18 قضية تتعلق بعرض أشياء ممنوعة على الأنترنت.
قصّر يقودون جرائم إلكترونية في العالم الافتراضي
وفي قراءة تحليلية لهذه الأرقام، أكد العميد أنّ 1023 ضحية سجلت في هذه القضايا العام الفارط، منهم 138 قاصر و76 ضحية معنوي، وعلى النقيض من هذا ارتكب 104 قاصر جرائم إلكترونية بالإضافة إلى 946 متورط في بقية القضايا بصفة عامة.
ويعقّب ممثل الأمن الوطني قائلا: “أغلب الضحايا القصر هم أطفال تورطوا في الأمر بدافع حب الاستكشاف والتعرف، حيث يجرب هؤلاء برامج اختراق وقرصنة دون علمهم بأن الأمر جرائم يعاقب عليها القانون”.
تضاعف الأرقام جاء أيضا من الوعي النابع من المواطنين لأنهم أصبحوا يبلّغون، يقول العميد “حتى أننا نتلقى الكثير من طلبات الطلبة الجامعيين الذين يخصصون أبحاثهم للجريمة الإلكترونية، ولأجل هذا يفتح الأمن الوطني موقعه الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث استقبلنا عديد الشكاوى بالإضافة إلى برامج أخرى في طور الإنجاز”.
الشرطة تقود العمل الوقائي لحماية الأطفال من الجريمة الإلكترونية
وتؤكد الأرقام تورط الأطفال الكبير في هذه الجريمة الخطيرة، خاصة وأنهم الأكثر استعمالا للشبكة العنكبوتية نتيجة معرفتهم المبكرة بالتكنولوجيا وهم في سن صغيرة، الأمر الذي جعل مصالح الأمن تكثف من مجهوداتها في هذا الاطار، من أجل حماية الأطفال من مثل هذه الظواهر، وتعد المراقبة من بين أنجع الطرق للحد من انتشار الجريمة الإلكترونية، حيث تتكفل مصالح الشرطة بهذه المهمة عن طريق مراقبة مقاهي الأنترنت، وذلك لحماية الأطفال من الانجراف نحو تلك الطريق، زيادة على العمل التحسيسي، حسب ما صرح به نائب مدير القضايا الاقتصادية والمالية بمديرية الشرطة القضائية، عميد أول للشرطة، حساني فيصل، الذي أضاف أن حماية الأطفال من هذه الجريمة تبدأ من الأسرة والمدرسة، مؤكدا على ضرورة وجود رقابة تامة عليهم، خاصة وأن أغلب الضحايا يتعرضون للتحرش الجنسي بسبب العلاقات العاطفية وغيرها.
من ناحية أخرى، قالت الأستاذة زهرة فاسي مختصة في علم الاجتماع في اتصال بـ “الموعد اليومي”، إن غياب الأخلاق والوازع الديني من بين أهم العوامل التي ساعدت على تنامي الجريمة الإلكترونية في المجتمع الجزائري وزيادة خطورتها، مضيفة بأن الأشخاص الذين تعودوا على الإجرام في الشارع هم أنفسهم الذين يتورطون في جرائم إلكترونية.
اهتمام كبير بمكافحة الجريمة الإلكترونية للحد من انتشارها
تفتح مصالح الشرطة القضائية أبوابها للمواطنين من أجل استقبال الشكاوى المتعلقة بتعرضهم للجريمة الإلكترونية، حيث تقوم بتحريات تفيد بمعرفة معلومات وتفاصيل عديدة عن الجريمة، كما يتم الاستعانة بالمتعاملين الثلاثة للهاتف النقال من أجل الوصول إلى مرتكبي الجرائم الإلكترونية، قبل عرض المعلومات التي يتم جمعها على مخبر الشرطة العلمية، الذي يعد من بين أهم الوسائل المستغلة في التحقيقات الخاصة بالجريمة الإلكترونية، وفي نفس السياق كانت الجزائر قد أدرجت ضمن مجموعة الدول المكلفة بمشروع إعداد بحث لتحديد آلية تطور الهجمات الإلكترونية، خلال السنوات الثمانية المقبلة من طرف منظمة “التحالف الدولي لحماية أمن الأنترنت”.