اختار الروائي الجزائري الكبير واسيني الأعرج العاصمة اللبنانية بيروت لإصدار الجزء الثاني من رواية “الأمير” عن دار الآداب وعنونها بـ “غريب الديار” وذلك خلال شهر ماي المقبل.
وستسرد الرواية فترة المنفى الثاني للأمير عبد القادر بدمشق بعدما تناول الجزء الأول فترة المنفى الأول الذي كان بفرنسا بين قصر هنري الرابع في مدينة بو الفرنسية بعد معتقل لامالغ وقصر أمبواز الذي قضى فيه الأمير محجوزا.
وكان واسيني الأعرج كشف أن الجزء الثاني من كتاب “الأمير”، سيثير الكثير من الجدل، وخصوصًا بعد كشف الكتاب علاقة الأمير بالحركة الماسونية.
وقال واسيني الأعرج: “تصريحاتي الأولية عن مضمون عملي الجديد خاصة فكرة تعرضي لعلاقة الأمير عبد القادر بالماسونية أحدثت هزة لدى عدد كبير من القراء تراوحت بين الشتيمة والتبصر مع أن الطبيعي بدل الانجرار كان الأمر يحتاج إلى وقت تتم فيه قراءة رواية أخذت من عمري أكثر من عشر سنوات”.

وتابع: “أتمنى أن يمنحني الله قليلاً من العمر لإنهائها وهو ما تم والحمد لله. نحن نحتاج اليوم إلى أيقونات حقيقية تزرع فينا بعض الأمل في ظل العصابات المريضة التي تحكم بلداننا ولم يعلمها التاريخ أي شيء لأنها بلا ذاكرة. ليس هذا المهم. المشكلة في العالم العربي بدل المتابعة نأخذ رأي الصحفي ويلبس للكاتب. أنا لم أقل أن الأمير كان ماسونيا، حتى ولو كان، لا يزعجني الأمر. قلت فقط أن الرواية تأخرت في جزئها الثاني لأن المسألة الماسونية أخذت مني وقتًا كبيرًا وحرب الأمير ضد المسلمين المتطرفين الذين أشعلوا نار الفتنة في دمشق ولولا تدخل الأمير لحماية المسيحيين لتمت إبادة الآلاف فقد أنقذ بجهوده ومعه أتباعه بعد تخلي الدولة العثمانية عن القيام بواجباتها، ومنها حماية الناس والأقليات تحديدًا، أكثر من 15 ألف مسيحي حماهم في بيوته وبيوت أتباعه. الأمر طبعًا يتعلق بمسيحيي الشام لأن الأحداث دارت في الشام وجبل الدروز. كما قلت دائمًا من خلال أبحاثي الكثيرة لم أجد ما يثبت ماسونية الأمير سواء في هيكل الشرق في باريس حيث يملأ إطاره مدخل الهيكل، أو هيكل هنري الرابع في الإسكندرية حيث يقال إنه مر من هناك وانتمى للهيكل في تلك المدينة. هذا لا يلغى إعجاب الأمير بـ “الماسونية” لأسباب كثيرة منها أن نابليون الثالث الذى حمى الأمير وأطلق سراحه كان ماسونيًا ورئيس الهيكل كان قريبًا من الإمبراطور.. تلقى الأمير من أتباع الهيكل الأسئلة التعليمية وقرأها وأجاب عنها ومن أراد أن يتعرف عليها ما عليه إلا أن يقرأ تحفة الزائر الذي كتبه ابنه محمد الحسني وجمع ردود والده.
وأضاف :”استقبل الأمير الآراء الماسونية بمحبة ما داموا كما قال وقتها يدافعون عن المحبة والأخوة والخير والعدل ويكرهون الحروب. على كل الرواية تستعيد لصالحها هذه الوثيقة المهمة”. وتابع :”نعم قلت كلمة قاسية قلت ما نستحق.. هو أكبر منا. لا نعرف حتى ندافع عنه. قدسناه ثم حنطناه وكل من يقترب منه عليه أن يتحمل الدق الذي ينزل على ظهره. في الجزائر سجناه في قوالب ميتة خاصة، اختزلت حياته في سبع عشرة سنة مقاومة مهمة لكن الأمير أكبر من هذا كله. وعربيًا نسيناه أو كدنا في عالم يحكمه اليوم الصغار. من الرئيس أو الملك العربي اليوم الذي نزل إلى الجبهة ليموت أو يحيا مع جيشه. ينهبون مال شعوبها وعندما ينتهون ولا يبقى إلا الدم في الضرع يدفعون بالبقرة إلى الهاوية. نعم العالم يعيش أيضًا بالإيقونات ولهذا أريد أن أخرج من التراب والصدأ هذه الأيقونة وأضعها واضحة كما هي، بأخطائها ولحظاتها الجميلة، لكن بإنسانيتها الواسعة أمام جيل لم يعرف إلا الصغار والعصابات القهرية، التي امتدت حتى السينما وتهيئ نفسها اليوم لكتابة سيناريو عنه وإخراجه وفق العقلية الريعية. سيأتي وقت وتفضح كليًا لأنها وراء إفشال كل مشاريع فيلم الأمير. ستوافق قريبًا لأنها وجدت ما تستفيد منه وليس حبًا في الأمير. يجب تعرية هذه الآلية وهي واحدة من الجهود لإعادة الاعتبار لشخصية كبيرة كالأمير عبد القادر.
ب/ص