صدر عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية “الأعمال الشعرية الكاملة” للشاعر أحمد حمدي.
ويضمُّ الإصدار بأجزائه الثلاثة، المنجز الشعري لحمدي، والذي سبق نشره في الصحف منذ سنة 1965، ثم في كتب مستقلة بدءًا من سنة 1977، كما كان قد نُشر بعضه في كتاب “الأعمال الشعرية غير الكاملة” الذي صدر عن وزارة الثقافة الجزائرية خلال احتفالية الجزائر عاصمة الثقافة العربية سنة 2007. وخُصّص الجزء الأول للأعمال الشعرية، بينما ضمّ الجزء الثاني الأعمال المسرحية، في حين جمع الجزء الثالث بين طيّاته الأوبيرتات والتغريدات التي دوّنها الشاعر خلال مسيرته الطويلة.
ويُشير حمدي في مقدمة كتابه، إلى أنّ فكرة “الأعمال الشعرية الكاملة”، تنطوي على شيء من “روح المجازفة والمغامرة”، وأنّ إقدامه على إصدار الكتاب، كان استجابةً لرأي عدد من النقاد بأنّ تجربة الكاتب تتشكل عبر محطات رئيسية تعبّر عن ثوابت ومتغيّرات واضحة، ونابعة من ديناميكية الواقع ومستجداته، ومن إفرازات المحيط وتداعياته.
حيث تدلُّ “الأعمال الكاملة” على مدى التطوُّر الحاصل في المسيرة الأدبية لهذا المبدع أو ذاك، وتبصم إنتاجه ببصمات المرحلة التي ينتمي إليها. ويُضيف أنّ إصدار هذا الكتاب يتيح للقارئ والدارس نافذة يطّلع من خلالها على تجربة بدأت من منتصف الستينات، وترعرعت في ظلال السبعينات، وتنامت في الثمانينات والتسعينات عبر المسرح الشعري والأوبيريت، وصولا إلى الشكل الجديد الموسوم باسم التغريدات.
ويُمكن قراءة تجربة أحمد حمدي الشعرية من خلال تقسيمها زمنيا إلى أربع حقب: حقبة السبعينات؛ وتميّزت بتجديد المتن الشعري الجزائري، والبحث في المخيال الشعري الذي صار أكثر رحابة وحرية، كما تميّزت بتطوير اللغة الشعرية وتحريرها من الجمود والتحجُّر، ومن المباشرة والخطابية، وكذلك تمّ توطين الشعرية الجديدة وجعل الشاعر أكثر اقترابا من عادات الحياة اليومية. أمّا حقبة الثمانينات؛ فقد تميّزت بالاشتغال على المسرح الشعري، وهو منجز جديد في الأدب الجزائري، بدأت ملامحه في الثلاثينات من القرن الماضي على يد الشاعر محمد العيد آل خليفة، لكنّها بقيت في المهد ولم تتطور، رغم هبوب رياح الشعر الحر منذ منتصف الخمسينات مع اندلاع ثورة نوفمبر. وتميزت حقبة التسعينات بالأوبيرات، وهي عمل تجريبي، وفن أدبي جديد يقف بين القصيد والمسرح، ويجمع الموسيقى بالتمثيل، والحكي بالغناء.
تبعتها حقبة الألفية، والتي تميّزت بالتغريدات، وهي عمل تجريبي يستوحي وجوده من التطوُّرات التي أفرزتها ثورة تكنولوجيا وسائل الإعلام والاتصال، وإذا كانت لها جذور في الرباعيات، إلا أنّ لها وجودا في “تويتر” أيضًا، فالتغريدة لها شروط منها كثافة المعنى، وإجادة اللغة، وما يُعرف لدى القدماء بـ”السهل الممتنع”.
تجدر الإشارة إلى أنّ أحمد حمدي وُلد سنة 1948 بوادي سوف صدرت له عديد الدواوين أهمُّها “انفجارات” (1977)، “قائمة المغضوب عليهم” (1980).