عقد وزير الصحة، الأستاذ عبد الحق، لقاء ثنائيا هاما مع رئيس الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور برثا ساراثي، بحضور البروفيسور عدة بونجار، رئيس اللجنة الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته.
وجاء ذلك على هامش الجلسات الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته، المنعقدة يومي 3 و4 ماي 2025 بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” بالجزائر العاصمة، وتحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وخلال هذا اللقاء، شدد الوزير على أن الوقاية تمثل حجر الزاوية في مواجهة السرطان، مؤكداً أن العديد من أسباب ارتفاع معدلات الإصابة تعود إلى التحولات في نمط الحياة، مثل سوء التغذية، وتلوث البيئة، وضعف البنى التحتية الصحية، خاصة في الدول محدودة الموارد. واستعرض الوزير الاستراتيجية الجزائرية المعتمدة في هذا المجال، والتي تقوم على محورين رئيسيين: أولهما إعادة تنظيم النظام الصحي لضمان تكفل فعال بمرضى السرطان، وثانيهما ترسيخ ثقافة الوقاية عبر حملات توعية وتحسيس تستهدف كل شرائح المجتمع، وخاصة فئة الشباب. ومن جانبه، قدم الدكتور ساراثي عرضا شاملا حول نتائج دراسة حديثة أنجزتها الوكالة، والتي توقعت تضاعف عدد الإصابات بالسرطان بحلول عام 2040، مشيرا إلى أن العبء الأكبر سيقع على كاهل الدول ذات الموارد المحدودة إذا لم تتخذ تدابير وقائية عاجلة. وأضاف أن الاستمرار في التركيز فقط على العلاج لم يعد كافيا بل يجب توجيه الجهود نحو الوقاية وأبحاث إعادة تأهيل المرضى. وفي هذا السياق، دعا الدكتور ساراثي الجزائر، إلى الانضمام الرسمي للوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التي تضم 29 دولة، مشيرا إلى أن هذا الانضمام سيفتح الباب أمام شراكات بحثية قوية، وتعاون في تطوير السياسات الصحية، ودعم تقني وفني يعزز فعالية الخطط الوطنية لمكافحة السرطان. كما أكد استعداد المنظمة لتوفير كافة التوضيحات التقنية والخطوات التنفيذية اللازمة لانخراط الجزائر في مشاريع الوكالة، إضافة إلى دعمها في مجالات التقييم والرصد، رغم التحديات التي تواجهها المنظمة في جمع وتحليل البيانات. وأوضح أن العمل جارٍ على تطوير منهجيات دقيقة ومؤشرات أداء فعالة لضمان إنتاج بيانات قابلة للتطبيق العملي. وتطرق اللقاء أيضا، إلى البرامج الجاري تنفيذها من طرف الوكالة في عدد من الدول، والتي تشمل فحوصات مبكرة للكشف عن سرطان الثدي، وسرطان عنق الرحم، وسرطان القولون والمستقيم، وهي خطوات أساسية في تقليص نسب الإصابة والوفيات. أما فيما يتعلق بمسار علاج مرضى السرطان، فقد حدد الدكتور ساراثي ثلاث نقاط حرجة يجب معالجتها، وهي التأخير بين ظهور الأعراض والتشخيص، وبين التشخيص وبدء العلاج، وكذلك التأخر في تلقي العلاج المناسب. وأكد أن فهم العوامل التي تؤثر على هذه المراحل, سيساعد في تقديم توصيات عملية وفعالة للسلطات الصحية، خاصة في البلدان الإفريقية. واختتم الدكتور ساراثي مداخلته، بالتأكيد على التزام الوكالة بتحليل الوضع الصحي في كل دولة بشكل معمّق، وتحديد العوامل المسببة للسرطان، ولا سيما تلك القابلة للتعديل، مثل أنماط التغذية والسلوكيات اليومية. ودعا إلى تعزيز الجهود التوعوية في المدارس والمؤسسات التربوية لغرس ثقافة الوقاية الصحية منذ الصغر، باعتبارها السبيل الأمثل للتصدي الفعال لهذه الأزمة الصحية العالمية. كما يعكس هذا اللقاء الإرادة السياسية الجزائرية لتعزيز التعاون الدولي في مجال الصحة، والحرص على إدراج المقاربات العلمية الحديثة ضمن السياسة الوطنية لمكافحة السرطان، عبر شراكات استراتيجية مع المنظمات الدولية الرائدة في البحث والتقييم الصحي.
إيمان عبروس

