سارة النمس: العشرية السوداء معلم رئيسي في الرواية الجزائرية المعاصرة

سارة النمس: العشرية السوداء معلم رئيسي في الرواية الجزائرية المعاصرة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في الأول من شهر مارس الجاري قائمتها الطويلة لدورتها الرابعة عشرة، وجاءت القائمة مكوّنة من 16 رواية لكتّاب ينتمون إلى 11 دولة عربية.

الكاتبة الجزائرية سارة النمس كانت من أصغر الحاضرين في القائمة سنًا، فسارة النمس من مواليد نوفمبر 1989 في ولاية تيارت وتخرجت من جامعة عباس فرحات في مدينة سطيف متخصصة في اللغة الإنجليزية، وعملت في مجالات التعليم والتحرير والترجمة، وحاليًا تعمل مديرة في دار أجنحة الجزائرية، وتقيم في وهران.

النمس التي تبلغ من العمر 31 عامًا هي واحدة من أصغر الكتّاب الواصلين إلى قوائم البوكر، والأصغر في القائمة الحالية، وهي واحدة ضمن 3 جزائريين وصلوا للقائمة إلى جانب عمارة لخوص وعبد اللطيف ولد عبد الله، كما أنها واحدة ضمن 3 كاتبات في القائمة إلى جانب السورية دنيا ميخائيل والتونسية أميرة غنيم، والمصرية منصورة عز الدين.

بدأت سارة النمس مسيرتها الأدبية في 2012 بإصدار رواية “الحب بنكهة جزائرية”، ثم المجموعة القصصية “الدخلاء” في 2014، وفي 2016 أصدرت رواية “ماء وملح”، ثم أصدرت روايتها “جيم” عن دار الآداب اللبنانية في 2019.

ورواية “جيم” هي رواية أصوات، حيث تلتقي البطلة “جيم” أثناء رحلة بالقطار بالبطل الآخر للرواية (أمين)، ويتناوب جيم وأمين الحكي، حيث يبدو وجودهما كعنصرين نقيضين، فجيم جميلة جدًا وواثقة ومثقفة وثرية، مقابل أمين الدميم البسيط ذو التعليم المتواضع، ومن هذا التناقض تتولد المفارقات وتتوالى الحكايات ليكشف كل منهما للآخر عن وجهه الخفي.

“الدستور” المصرية حاورت الكاتبة الجزائرية سارة النمس، بعد وصول روايتها “جيم” إلى القائمة الطويلة من الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر.

في البداية قالت سارة: “بما أنّني إنسانة واقعية وأعطي النسب دائمًا بالمناصفة كي لا أبالغ في التفاؤل ولا بالتشاؤم، فكنتُ أتوقّع بالقدر الذي لم أتوّقع ولكن رواية جيم فارقة في تجاربي لهذا كنتُ أشعر بشيء من الحدس أنّها ستصِل بطريقة أو بأخرى”.

وردت قائلة عن سؤال يتعلق باختيارات منظمي الجائزة التي لا تقتصر على الفنيات، وأن عوامل مثل الجنسية والجنس والسن تتحكم في الاختيارات: “بل أجد العكس تمامًا، بلا شك ثمة معايير ولكن تبدو لي أنّها غالبًا تقتصر على الفنيات والمواضيع وليس الجنس والجنسية والسن والدليل في كل دورة هنالك قائمة أسماء متنوعة من حيث السن والجنس والجنسيات”.

وعما الذي تضيفه الجوائز للمبدع، قالت: “تضيف له الكثير، مثلًا لي ككاتبة لا علاقات لها في الوسط الأدبي ولا ولا توصيات من كبار الكُتّاب لقرائهم بالقراءة لي، مثل هذه الجوائز هي بمثابة فرص ثمينة للإضاءة على أعمالنا المغمورة. وهكذا يرشّح كاتبٌ لم يكن يعرَف عنه أحد إلى جانب كاتب آخر محبوب إعلاميًا لا لشيء فقط لأنّه كتب نصًا جيّدًا.

وتحدثت سارة عن الرواية الجزائرية قائلة: “تظل عشرية الدم أو العشرية السوداء معلمًا رئيسيًا في الرواية الجزائرية المعاصرة.. إن لم يكن كحدث رئيس، أو كخلفية لحدث رئيس، فإنها تكون حاضرة على الأقل كشذرة حكائية.. ستظل معلمًا رئيسيًا في الرواية الجزائرية لأنّها حقبة قاسية من ذاكرتنا وتاريخنا خاصّة لمن عايشوها وأنا منهم كنتُ طفلة ثم مراهقة وذاكرتي مثقلة ومجروحة بذكريات مريرة وكل هذا يصعد أثناء الكتابة والتدفق.. أمّا الحراك فكان تجربة عظيمة وإيجابية وملهمة لنا كجزائريين وهو ثيمة حاضرة في روايتي التالية التي لم أنشرها بعد.

وأوضحت أنها غالبًا تميل لكتابة الرواية، أمّا القصص القصيرة فتكتبها في أوقات متباعدة عندما تجد ما يلهمها لكتابتِها.. مؤخرًا صدرت لها مجموعة قصصية ثانية بعنوان إبليس يطلب المغفرة.

وتابعت: “نشرتُ روايتي الأولى في الجزائر ومجموعتي القصصية الثانية صدرت الشهر الفارط عن دار أجنحة الجزائرية بالشراكة مع دار فضاءات الأردنية. أطرق باب دار النشر التي أفكّر وأتأمّل أن تخدم النص وترعاه.

وكيف أثَّرت السوشيال ميديا، وزمن كورونا على الأدب وهل هناك تأثير فعلي أم مجرد ظواهر مؤقتة، أجابت سارة: “ظواهر مؤقتة، وظروف اضطررنا للتكيّف والتعايش معها لمواصلة الحياة، الظروف فقط التي تغيّرت.. الأدب هو الأدب والحياة هي الحياة بكل مباهجها وأمراضها وأوبئتها والأمل لولاه كنّا في هذه الحياة ضحايا”.

وفي ختام الحديث، قالت سارة إن العالم كلّه يكتب.. ونحن نحاول بصعوبة أن نشق ونصنع مكانتنا الجيدة على خارطة الأدب في العالم لتكون أصواتنا مسموعة وحكاياتنا الغريبة مقروءة.

ب/ص