قال الإمام الغزالي رحمه الله : ” تأمل الآن في غرف الجنة، واختلاف درجات العلو فيها؛ فإن الآخرة أكبر درجات، وأكبر تفضيلاً، وكما أن بين الناس في الطاعات الظاهرة، والأخلاق الباطنة المحمودة؛ تفاوتاً ظاهراً، فكذلك فيما يجازون به تفاوت ظاهر، فإن كنتَ تطلب أعلى الدرجات فاجتهد أن لا يسبقك أحد بطاعة الله تعالى ، فقد أمرك الله بالمسابقة والمنافسة فيها فقال تعالى ” سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ “سورة الحديد :21 ، وقال تعالى ” وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ” سورة المطففين :26. انظر أيها المسلم إلى الصحابة الكرام وكيف كان سباقهم إلى الله، وتنافسهم على طاعته؛ لعل في ذلك شحذ لهممنا حتى نلحق بركبهم ما استطعنا، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقتُه يوماً!، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أبقيت لأهلك”؟ قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أبقيت لأهلك”؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً” رواه أبو داود، وحسنه الألباني. فارفع همتك أيها المسلم، وكن من أول الناس في فعل الخيرات، وبذل الطاعات؛ لكسب الحسنات، فلا حياة إلا حياة الآخرة: ” وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” العنكبوت :64 ، ولا نعيم إلا نعيم الجنة، فسابق إلى ربك، وسارع إليه، وشمر ولا تتخلف؛ واتعب ساعة في الدنيا خير من عذاب الأبد في الآخرة.