في الجنة يلتقي الأحبة، يلتقي الزوج الصالح بزوجته، إنه لقاء في دار النضرة والحبور والنعمة والسرور، فزوجة المؤمن في الدنيا تكون زوجته في الجنة أيضًا إذا كانت مؤمنة؛ قال تعالى: ” جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ” الرعد: 23، 24. وتلك العاقبة الحسنة هي دخول جنات عدن، والإقامة فيها خالدين أبدًا، لا يخرجون منها، ويجمع الله بينهم وبين أحبابهم من الآباء والأزواج والأبناء الصالحين لدخول الجنة، لتقر بهم أعينهم، وتدخل عليهم الملائكة من كل باب مسلمين مهنئين بدخول الجنة، وبرضوان الله عليهم. وتقول لهم الملائكة: سلام عليكم، وأمن دائم لكم، لقد صبرتم في سبيل الله، واحتملتم المشاق والآلام، ففزتم برضوان الله، فنعمت عاقبتكم في الدار الآخرة. وقال تعالى: ” رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ” غافر: 8، 9.
وتتابع الملائكة الأطهار دعاءهم للمؤمنين التائبين، فيسألون ربهم تعالى أن يدخلهم الجنات التي وعدهم تعالى بها على ألسنة رسله، وأن يدخل معهم الجنات الصالحين من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لتقرَّ بهم أعينهم، فإن الاجتماع بالأهل والعشيرة في مواضع السرور يكون أكمل للبهجة والأنس، فأنت يا رب الغالب الذي لا يقاوم، الحكيم في شرعه وفعله وتدبيره. وهذه البشارة للمؤمنين تشير إلى سَعة فضل الله، وكرمه، وامتنانه، ولطفه، وكمال إحسانه إليهم، قال ابن عباس رضي الله عنه: إن الله عز وجل ليرفع ذرية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه، ثم قرأ الآية ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ…. “. قال ابن كثير: “فإذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك”.