الله يجيب، قال الله ” وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ” الزمر: 67؛ أي: ما عظَّموه حق تعظيمه، وما عرَفوه حق معرفته، وما وحَّدوه حق توحيده، وما عبدوه حق عبادته، فمن عرفه خافه وأحبه ورجا ثوابه، وعظَّمه وفَرَّ منه إليه، وأناب إليه وتوكل عليه. هل قدَر اللهَ حق قدره مَن زعم أن غير الله يملك النفع والضر، والإماتة والإحياء، والرزق والحكم والتدبير؟! سبحانه له كل العظمة، وله كل الجلال، وله كل الكمال، وله كل الحمد والثناء،
هل قدَر اللهَ حق قدره وعرفه حق معرفته مَن عصى أمره وارتكب نهيه، وضيع حقه وأهمل ذكره، وكان هواه آثَرَ عنده من طلب رضاه؟ هل عرف الله حق معرفته وقدره حق قدره مَن استخف بنظر الله إليه واطلاعه عليه، وهو في قبضته وناصيته بيده؟ هل عرف الله حق معرفته وقدره حق قدره من يستحيي من الناس ولا يستحيي من الله، من يخشى الناس ولا يخشى الله، من يعامل الخلقَ بأفضل ما يقدر عليه، وإن عامَلَ الله جعله أهونَ الناظرين إليه؟ ” وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ” الزمر: 67.
في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، إنَّا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك، أنا الملك، فضحِك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه؛ تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله قولَ الله: ” وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ” الزمر: 67. وإن العقل ليندهش ويسجد إجلالًا لله تعالى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أذن لي أن أُحدِّث عن مَلَك من حملة العرش رِجلاه في الأرض السفلى، وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام، يقول ذلك الملَك: سبحانك حيث كنت” صححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: “ما في السماء الدنيا موضعٌ إلا عليه ملَكٌ ساجد أو قائم، وذلك قول الملائكة – كما في سورة الصافات: ” وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ” الصافات: 164 – 166.