الوضوء عبادةٌ عظيمة الفضل كثيرة الثواب؛ ليتحقق بها من حصول الطهارة الحسية والمعنوية التي صحَّ عن أبي مالكٍ الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأنها: “الطَهور شطر الإيمان”؛ رواه مُسلم. ولعل مما لا يعرفه البعض أن الوضوء عبادةٌ مستقلةٌ، وقربةٌ إلى الله تعالى حتى ولو لم يكن لأداء الفريضة ولو لم تعقُبه صلاة، والوضوء من أسباب دخول الجنَّة والتحلِّـي بحُلـيِّها لما صحَّ عن عُقبةَ بن عامر رضي الله عنه، أنه قال: “كانت علينا رِعايةُ الإبل، فجاءتْ نوبتـي، فروَّحتُها بعشـيٍّ، فأدركتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يُحدِّث النَّاسَ، فأدركتُ مِن قَولِه: “ما من مسلمٍ يتوضَّأ فيُحسِنُ وضوءَه، ثم يقومُ فيصلِّي ركعتين، مقبلٌ عليهما بقَلبِه ووجهِه، إلَّا وجبتْ له الجنَّة”؛ رواه مسلم. وصحَّ عن أبي هُريرةَ رضـي الله عنه أنه قال: سمعتُ خليلـي صلى الله عليه وسلم يقول: “تَبلُغ الحِليةُ من المؤمِن حيث يبلُغ الوضوءُ”؛ رواه مسلم.
والوضوء من أسباب الطهارة الحسية والمعنوية التي تكون بإذن الله تعالى من الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى؛ لقوله سُبحانه: ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين ” البقرة: 222. ويُضاف إلى ذلك أن المحافظةُ على الوُضوء تُعد من علامات أهل الإيمان؛ إذ إن المداومة على الوضوء والمحافظة عليه صفةٌ من صفات الكمال للمؤمنين، لِما صحَّ عن ثوبانَ رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “استقيموا ولن تُحصُوا، واعلموا أنَّ خيرَ أعمالِكم الصَّلاة، ولا يحافِظُ على الوضوءِ إلَّا مؤمِنٌ”؛ رواه ابن ماجه وأحمد. كما أن الوضوء عبادةٌ يُكفِّر الله سبحانه بها الذنوب والخطايا، فعن عثمانَ بن عفَّان رضي الله عنه أنَّه قال: “إنِّي رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم توضَّأَ مِثلَ وُضوئي هذا، ثمَّ قال: مَن توضَّأ هكذا، غُفِر له ما تقدَّم مِن ذَنبِه”؛ رواه مسلم، وجاء في حديثٍ آخر عنه رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “مَن توضَّأ فأحسَنَ الوضوءَ، خرجتْ خطاياه من جَسَدِه، حتَّى تخرُجَ من تحت أظفارِه”؛ رواه مسلم.