الحَجَر الأسود من أحجار الجنَّة، نزل به جبريلُ عليه السلام على الخليل إبراهيم عليه السلام، فوضعه في الركن الشرقي من الكعبة المشرفة، وهو مُحاط بإطارٍ من الفضة الخالصة صوناً له، ويظهر مكان الحجر بيضاويًّا، وقد كان الحجر الأسود قطعةً واحدة، لكنه مع الحوادث التي مرَّت عليه تكسَّر، ولم يبق منه إلاَّ ثماني قطعٍ صغارٍ مختلفة الحجم، أكبرها بقدر التمرة الواحدة. ولعل أفظع ما مرَّ على الحجر الأسود حادثة القرامطة الشهيرة عندما أخذوه وغيبوه 22 سنة، ثم رُدَّ إلى موضعه سنة 339هـ. وأول مَنْ ربط الحجر الأسود بالفضة هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وآخر ترميم للحجر الأسود والإطار الفضي كان عام 1422هـ في عهد الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله. يرتبط الحجر الأسود بالكعبة المشرفة ارتباط الجزء بالكلِّ، وكلُّ شرفٍ وفَضْلٍ اخْتُصَّ به فهو شرفٌ وفَضْلٌ للكعبة ذاتِها، فهي التي تحويه وتضُمُّه إلى جَنَباتها ومن فضائل الحجر الأسود أنه نزل من الجنة، وكان أشدَّ بياضاً من اللبن أو الثلج، ثم سوَّدته خطايا بني آدم، وفي ذلك أحاديث، منها:
– عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “نَزَلَ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ؛ وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ” رواه الترمذي.
– عن أنس بن مالك رضي الله عنهما؛ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الْحَجَرُ الأَسْوَدُ من حِجَارَةِ الْجَنَّةِ” صححه الألباني.
– عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: “الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ، وكان أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ، حَتَّى سَوَّدَتْهُ خَطَايَا أَهْلِ الشِّرْكِ” رواه أحمد.
في الحديث إشارةٌ واضحة ولطيفةٌ بديعة يُستنبط منها شؤم الذنوب والمعاصي على الكائنات عامَّة؛ ومنها الجمادات، فلا ريب أن الذنوب والمعاصي شأنها خطير، فقد أثَّرت في حَجَر مبارك من أحجار الجنة، فبَعْدَ أن كان أشدَّ بياضاً من اللَّبن أو الثَّلج، وبسبب مقارفة بني آدم للذنوب والمعاصي وأعظمها: الشرك بالله فقد استحال بياضُه سوادًا.