اسأل نفسك أيها المسلم، هل أنت من المتصدِّقين في رمضان؟ هل تفرح عندما يأتيك سائل يطلب منك مالًا؟ هل تشعُر بأن الفقير الذي يطرق بابَكَ لتنفق عليه، هو صاحب الفضل عليك؛ لأنه يحمل زادك إلى الآخرة؟. لقد كان سلفنا الصالح يفرحون بالسائل وبالفقير الذي يطرق بابهم، هذا سفيان الثوري كان ينشرح إذا رأى سائلًا على بابه، ويقول: “مرحبًا بمن جاء يغسل ذنوبي”، وكان الفضيل بن عياض يقول: “نعم السائلون؛ يحملون أزْوادَنا إلى الآخرة بغير أجرة! حتى يضعوها في الميزان بين يدي الله تعالى”، بل كان سلفنا الصالح إذا أراد أحدُهم أن يتصدَّق أخفى صَدَقَتَه؛ حتى لا يعلم بها أحدٌ إلا الله عز وجل؛ لأن الصَّدَقة كلما أخفيْتَها، كانتْ أرجى في القبول عند الله تعالى.
هذا زين العابدين بن الحسن بن علي، كان يخرج كل يوم في الليل يضع السكر والأرز والطعام على أبواب المساكين فيعود ويقول للناس: لا ندري من الذي وضع لنا هذا الطعام، فلما مات زين العابدين انقطعت الأرزاق عن الناس، فعلموا أن الذي كان يضع الخير هو زين العابدين، وعندما كانوا يُغسِّلونه وجدوا في كتفه جرحًا غائرًا من كثرة ما كان يحمل كل يوم على كتفه للفقراء والمساكين ، أين نحن من هؤلاء؟. فيا أيها الصائم الكريم يا مَنْ ترغب في الثواب الجزيل من الله عز وجل، تذكَّر أن شهر رمضان موسم المتصدِّقين، وفرصة سانحة للباذلين والمعطين، فالصيام يدعوك إلى إطعام الجائع، وإعطاء المسكين، وإتحاف الفقير. تذكَّر أيها الصائم أن شربة ماء، أو مذقة لبن، أو حفنة تمر، أو قليلًا من الطعام والمال واللباس والفاكهة، تسديها إلى محتاج؛ هي طريقك إلى الجنة. فهذه دعوة لك لتقرض ربَّكَ في الدنيا، فيكرم قرضك يوم تلقاه: ” إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ” التغابن: 17، وتذكَّر أن الأموال والكنوز والقصور مآلها إلى الزوال والضياع، وليكن حداءك قولُ رسولك صلى الله عليه وسلم: “ما نقصَتْ صَدَقةٌ من مال” رواه مسلم.