لا ينبغي للمسلم الواصِل أن ينتظر مِن ذوي القُربى والرَّحِم صلتَهُ؛ بل عليه أن يُبَادر للصِّلة وإن قَصَّر ذَوو القربى والأرحام في حقِّه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ” رواه البخاري ، وعندما جاءه رجلٌ فقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: ” لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِم مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ” رواه مسلم. ومن ثمرات صِلةِ ذوي القُربى والأرحام في الدُّنيا: سَعةُ الرِّزق، وطولُ العُمُرِ، ومحبةُ الأهلِ والأقارب، فقد قال الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم: ” مَن سَرَّهُ أَن يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” رواه البخاري ، وقال صلى الله عليه وسلم: “تَعَلَّمُوا مِن أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ؛ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ” رواه أحمد.
وصِلَة الرَّحِم من أعجل الأعمال ثوابًا عند الله تعالى؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” وإنَّ أعجلَ الطاعةِ ثوابًا لَصِلةُ الرَّحِم، حتى إنَّ أهلَ البيتِ ليكونوا فجرةً فَتَنمُو أموالُهم، ويكثرُ عَدَدُهم إذا تَوَاصَلُوا ” رواه الطبراني، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ” إنَّ اللهَ ليَعْمُرُ بالقوم الدِّيارَ، ويُثمِّرُ لهم الأموالَ، وما نَظَرَ إليهم منذ خلقَهُم بُغْضًا لهم” قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: ” بِصِلَتِهِم أرحامَهم”. رواه الطبراني. أمَّا قطيعةُ ذوي القربى والأرحام، فهي كَبيرة من الكبائر، وقد حذَّر النبي منها، وأخبر أنَّ قاطع الرَّحِم لا يدخل الجنَّة، فقال صلى الله عليه وسلم: ” لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ” رواه البخاري ، وبيَّن أن عقوبة قاطع الرحم تعجَّلُ له في الدنيا، قبل أن يلقى في الآخرة جزاءَ قطيعته، فقال صلى الله عليه وسلم: ” مَا مِن ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَن يُعَجِّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ البَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ” رواه البخاري.