سؤال وجواب.. من هم الناجحون ؟

سؤال وجواب.. من هم الناجحون ؟

 

الناجحون في الحياة هم بشرٌ مثلُنا لم يولدوا على أرائكَ من حرير، ولم يعيشوا في قصور من الياقوتِ، بل إنهم يأكلون كما نأكلُ، ويشربون كما نشربُ، وينامون كما ننامُ، لكنهم قومٌ اكتشفوا ذواتهم، وعرفوا قدراتهم؛ فأحسنوا توظيفَها وشمَّروا عن سواعد الجدِّ، ونبذوا التسويفَ والكسل، وأخذوا يفكِّرون ويُخطِّطون في رويَّة واستشارة ذوي الآراء السديدة لما ينوون القيامَ به، فإذا تمَّت خارطة العمل، وجُمعت أدواته، بدؤوا التنفيذ بكل دقَّة، حتى إذا تم عملهم، وجفَّ عرقهم، ورأوا إعجاب الناس بهم قالوا: “نجحنا!”. إن قطار الحياة لا يهتمُّ بالجالسين على قارعة الطريق، وإن الرغبة في إنجاز عمل يفوق قدراتك، أو تحقيق هدف دون تخطيط مسبق، لا يخرجُ عن كونه ضربًا من الأماني والخيال، قل لي بربك: كيف لطيرٍ كُسر جناحاه أن يطير؟! وكيف يدخل سباقًا مَن شُلَّت رجلاه؟! فإذا كنت قادرًا على الإنجاز، فشمِّر عن ساعديك، واحتجز إزارك، ورتِّب أولوياتك، فإذا عزمت فتوكَّل على الله، والله معك، واعلم أن الأقوياء في تنافسٍ وسباق مستمرٍّ، والأيام دول، والزمان لا يعود.

هذه هي الحياة، أهل الثناء قليل، فلا تنتظرهم، ولا يَشغلنَّك أهل النقد؛ فما أكثرهم! قوم نصَّبوا أنفسهم بالمرصاد على قارعة طريق أهل البناء والمجد؛ ليعثروا أقدامهم عن المسير، والمواصلة، لا لشيء إلا لعجزهم أن يكونوا مثلَهم؛ فاضطروا لذلك حسدًا من عند أنفسهم، فلا هم نجحوا في الحياة، ولا تركوا الفرصة لغيرهم، فما أحقرهم! ساء ما يفعلون! تحقيق الأهداف يا سادة يحتاج من صاحبه إلى عمل دؤوب بالليل والنهار، وتضحية بالمال والأوقات، وقلة نوم، وهجر للشهوات، ولكن ما ألذَّ النهايات، التي تُنسي صاحبَها في ساعة إعلان النجاح كلَّ معاناة مرت به طريقه! فهذه عواقب الجدِّ والنجاح، وأمَّا ما سواه فلا يحصد إلا ما جنى، فـالجزاء من جنس العمل، وصدق الشاعر في قوله:

فكن ممن يزرع بَذرة الخير، فإن لم تزرع فابذل الثناء لزارعها وساقيها. كم عشنا الماضي فضاع منا، وها نحن نعيش الحاضرَ ونراه يتفلَّت كتفلُّت الإبل في عقلها، فهلَّا حافظنا على ما بقي من حاضرنا؛ لنجعله محطة تفكير لما ينبغي فعله في المستقبل؟